اخبار وتقارير

الأحد - 17 نوفمبر 2019 - الساعة 06:21 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث تايم /خاص





لم تمض غير أيام قليلة على توقيع اتفاق الرياض، ولا تزال عيون الشعب تترقب وتتوجس خوفاً من المستقبل الذي ينتظر الاتفاق.
وبرغم انتهاء الفترة المحددة لعودة حكومةمعين عبدالملك إلى عدن، إلا أنها لم تعُد، في مؤشر على اختلال الفترات المزمنة لتطبيق الاتفاقية.
ولعل من يتحمّل المسؤولية الكبرى لتنفيذ الخطوات الأولية لاتفاق الرياض، هو رئيس الحكومة معين عبدالملك، بل أن المسؤولية عليه مضاعفة خصوصاً ومعين، صعد إلى رئاسة الوزراء من أجل تحقيق انجاز في ملف الخدمات وتطبيع الحياة المعيشية والخدمية في المناطق المحررة، لكنه أخفق لأسباب كثيرة لعل أهمها قصور تجربته، إضافة إلى أن التحديات كانت أكبر من قدراته، خصوصاً ومراكز النفوذ داخل الحكومة وعلى رأس تلك القوى حزب التجمع اليمني للإصلاح، ليس من السهل تجاوز مخططاتهم الهادفة إلى الاستحواذ على خيرات البلاد ووضع الجنوب تحت الوصاية.
وضعت اتفاقية الرياض ملف الخدمات كركيزة أساسية من ركائز الاتفاق، برغم أن الاتفاق سياسي لا علاقة للخدمات ببنوده على اعتبار أن حكومة معين هي المخولة بحل كل الاشكاليات وفق الميزانية السنوية المقررة، لكنها عجزت منذ أربعة أشهر في حل مشكلة المرتبات، إضافة إلى فشلها في حلحلة ملفات من ضمنها الكهرباء والوقود والمياه، ومن هنا يتساءل مراقبون كيف لهذه الحكومة أن تشرع في ملفات سياسية أقرها اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي، من جهة، وبين الشرعية من جهة أخرى، تلك البنود السياسية تخضع لتجاذبات كبيرة أطرافها قوى سياسية وأحزاب متوغلة في حكومة الشرعية، الأمر الذي قد يضع معين عبدالملك تحت الصفر.

معين في مواجهة الإصلاح

يحتفظ اليمنيون بذاكرة حيّة ولا زال عالقاً في أذهانهم الاتفاف على اتفاقية العهد والاتفاق الموقعة في العاصمة الأردنية عمان قبيل معركة العام 1994، حين قرر حزب التجمع اليمني للإصلاح خوض معركة ضد الجنوب اسفر عنها احتلال البلاد ونهب كل مقوماتها ومقدراتها، وبرغم توقيع الحزب على الاتفاقية التي تضمنت بنودها اشراك الجنوب في البرلمان والحكومة مناصفة وتقسيم البلاد إلى مناطق فدرالية، إلا أن الإخوان حشدوا عشرات الألاف من المقاتلين لأجل اجتياح الجنوب، وخاضوها حرباً عسكرية ودينية وقبلية ضد الجنوب.
ولم يكن الالتفاف على اتفاقية العهد والاتفاق المحطة الأولى للحزب كما لم تكن الأخيرة، وقد تأمر قادة حزب الإصلاح على أحزاب اللقاء المشترك في العام 2006، كما انقلب الشيخ حميد الأحمر، على اتفاقية وقعت مع الرئيس علي ناصر محمد، تقضي بدعم ثورة ضد نظام علي عبدالله صالح.
في العام 2011، استمر مسلسل الاصلاح القفز على الاتفاقيات، فقبيل الثورة أكدت قيادات الحزب أنها تؤمن بمطالب الحراك الجنوبي السياسية والحقوقية، وأن الأولوية اسقاط نظام علي عبدالله صالح، غير أنها وبعد سقوط النظام، شرعت على مواجهة الحراك الجنوبي متنصلة عن كل الاتفاقيات السابقة، بل أنها استخدمت القوة ضد التظاهرات السلمية في عدن، وسقط خلال يوم واحد قتلى وجرحى من المتظاهرين الجنوبيين لم يسقطوا مثلهم في عهد علي عبدالله صالح خلال سنوات.
لم يكتف الحزب بسجل الانقلابات فقط مع القوى اليمنية، بل أنه انقلب على دول التحالف، وفتح خطوط تواصل مع جماعة الحوثي، ضارباً بعرض الحائط مخاطر الانقلاب على التحالف في حرب مصيرية بالنسبة لمحيطنا الإقليمي.
برأي محللين فإن حجر عثرة اتفاق الرياض يتمثل في حزب الاصلاح، مؤكدين أن الحزب لن يتردد في الانقلاب على الاتفاق أو الاتفاف عليه في أحسن الأحوال.

لماذا ينقلب الإصلاح على الاتفاقات؟

يبدو الحديث عن السياسة في قاموس الإصلاح،  بمفهومها المكافيلي، وفق قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وتحت هذا الشعار لا يتوانى الإصلاح في خوض معاركة السياسية متجرداً عن كل قيم الأخلاق الدينية والقانونية.
يرى حزب الإصلاح أنه وريث الخلافة الإسلامية، وخليفة الله على أرضه، وأن الوطن لا اعتبار له كما لا أي اعتبار لبقية القوى والأحزاب الغير منتمية لفكر الإخوان، من هنا يتعاطى الإصلاح مع بنود الاتفاقيات بما يصب في مصلحته أولا، أي أن كل البنود التي لا تناسب أهدافه ومشروعه لن يتماشى معها، حتى وإن وقع على بنودها، وهو ما ورد على لسان رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، علي الجرادي، قائلاً أن "الوطن هو الإصلاح ولا غيره شيء، وأن كل مايريده الإصلاح يصب في مصلحة الشعب"، مضيفاً أن "من يعادي حزب الإصلاح، يعادي اليمن، ومشروع الحزب واجب اتباعه من قبل جميع اليمنيين".
تصريحات كشفت محاولة الاصلاح التمهيد لوأد اتفاق الرياض، وتأتي تلك التصريحات في ظل حملة سياسية وإعلامية يقودها حزب الإصلاح، تستهدف الجنوب من أجل إخراجه من التسوية التي ضمنت له المشاركة في السلطة وإدارة الجنوب.

هل يفشل الانتقالي مخطط الإصلاح؟


سجل الإصلاح الحافل بممارسة التنصل عن الاتفاقات وإحاكة المؤمرات، واضح بالنسبة للقوى السياسية الجنوبية وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن هل ينجح الأخير في إفشال مخططات الإصلاح الهادفة إلى نسف اتفاق الرياض؟.
برغم فارق التجربة السياسية بين الطرفين، إلا أن الانتقالي استطاع خلال فترة وجيزة تجاوز حزب الإصلاح، سواء في تحالفات الانتقالي مع القوى المحلية أو على الصعيد الإقليمي والدولي، أي أن الانتقالي يمتلك الظروف الذاتية والموضوعية التي تؤهله لإلحاق هزيمة بحزب الإصلاح ليس عسكرية فحسب، ولكن هزيمة سياسية ودبلوماسية، كما أن هامش المناورة التي اعتاد حزب الإصلاح ممارستها تارة إلى جانب حزب المؤتمر الشعبي العام، وتارة أخرى، إلى جانب أحزاب اللقاء المشترك، لم تعُد متوفرة للإصلاح في الوقت الراهن، وبرأي متابعين فإن السنوات القليلة الماضية هي أسوأ عهد يمر به الإصلاح، الأمر الذي يجعله فاقد الحيلة هذه المرة للانقلاب على اتفاق الرياض