اخبار سياسية

الإثنين - 09 ديسمبر 2019 - الساعة 05:35 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت /خاص

حلت الذكرى الثانية لمقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، في صنعاء، لتسلط الضوء على المصير الذي آل إليه حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يترأسه وحكم اليمن لعقود طويلة.

وعقب مقتل صالح في الرابع من ديسمبر 2017 على أيدي مسلحي جماعة الحوثي الإنقلابية يظهر إلى السطح جليا فشل جهود لملمة شظايا حزب المؤتمر الشعبي العام المتناثرة بين الداخل، الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي، والتيارات الموزعة بين دولا عربية عديدة، والتي فشلت بالوصول إلى صيغة قيادة موحدة.

وبرز تشظي حزب "المؤتمر" (حزب السلطة سابقاً)، في الأسابيع والأشهر الأولى التي تلت مقتل صالح، إذ التزمت القيادات الموجودة في صنعاء، تحت التهديد، بموقف الحوثيين، واختار أعضاء اللجنة العامة (المكتب السياسي للحزب)، نائب رئيس "المؤتمر"، صادق أمين أبوراس، رئيساً للحزب خلفاً لصالح، وهي الخطوة التي تقول مصادر قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام، إنها كانت الإجراء الطبيعي وفقاً للوائح الحزب وموجهاته التنظيمية، بصرف النظر عن فشل مجموع القيادات في صنعاء في الحفاظ على ما أمكن من الحزب ومؤسساته أو اتخاذ أي موقف من دون موافقة الحوثيين.

وعلى الرغم من أن قيادات حزب "المؤتمر" والمسؤولين الذين كانوا يمثلون الحزب في حكومة الحوثيين، التزموا حرفياً الخطاب الذي كانوا يرددونه قبل انهيار تحالفهم مع الحوثيين، وبالذات في ما يتعلق بالموقف من التدخل العسكري للتحالف العربي، إلا أن العديد من القادة تمكنوا من مغادرة العاصمة صنعاء سراً، بمن فيهم أعضاء في البرلمان، واتخذوا موقفاً مناوئاً للحوثيين.

في المقابل، وعلى مستوى أعضاء الحزب وقياداته في الخارج، فإنه بالإضافة إلى انقسام "المؤتمر" بين جناحي صالح، قبل مقتله، وجناح الرئيس اليمني المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي، نشأ جناح ثالث، يمثل القيادات التي كانت قريبة من صالح أو وقفت في المنطقة الرمادية خلال السنوات الماضية، وغالبيتها توجد في عواصم عربية، ومن أبرز شخصياتها الأمين العام المساعد للحزب، سلطان البركاني.

وفي الأشهر الأولى عقب مقتل صالح، سعى تيار الخارج بزعامة البركاني، وقادة آخرين بمن فيهم رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، بالإضافة إلى الأمين العام المساعد ووزير الخارجية الأسبق، أبو بكر القربي، إلى إزالة الحواجز والتقريب بين القيادات المحسوبة على جناح صالح ونجله الموجود في أبوظبي وجناح الشرعية بقيادة هادي، علماً أنه في الفترة التي سبقت مقتل صالح، لم يكن أي من الجناحين يعترف بالآخر، إذ أقر الحزب، برئاسة صالح، فصل هادي، فيما كان مسؤولو الشرعية يعتبرون هادي رئيساً للحزب.

ومُنيت جهود توحيد حزب "المؤتمر" والوصول إلى قيادة موحدة في الخارج، بخيبات متتالية، لأسباب منها ما يتعلق بموقف شخصيات حول الرئيس هادي من أقارب صالح وقيادات أخرى كانت في صفه، ومنها ما يتعلق بموقف هذه القيادات بعدم الاعتراف برئاسة هادي للحزب، وساهم في استمرار الخلافات فشل جهود رفع العقوبات الدولية عن نجل صالح، العميد أحمد، وتباينات داخلية في إطار رؤية قيادات الحزب الموجودة بالخارج.

ومنذ تأسيس الحزب على يد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عام 1982، حكم حزب المؤتمر اليمن، وظاهريًا فإنه ما يزال يحكمه، كون الرئيس اليمني الحالي، عبد ربه منصور هادي، يعد نفسه رئيس الحزب، لكن عمليًا فإن الحزب لم يعد حاضرًا في الحياة السياسية بقوة، فحزب المؤتمر اقترن بشخصية وحضور صالح، وترافقت سنوات مجده مع تأسيسه كحزب حاكم حتى تنحي صالح عن الحكم، في بداية العام 2012، على وقع انتفاضة شعبية اندلعت في العام السابق، وبعدها بدأ خريف الحزب.

بدأ تراجع الحزب مع تخلي العشرات من المسؤولين الحكوميين والعسكريين عن صالح وحزبه، والانضمام إلى الانتفاضة الشعبية المناهضة له، في العام 2011.

وفي نهاية عام 2011 كان الحزب خسر عددًا كبيرًا من الأسماء الوازنة في الحياتين المدنية والعسكرية، غير أنه كان ما يزال متماسكًا.

هزة أخرى تعرض لها الحزب بعد أن قضى اتفاق، رعته دول الخليج (المبادرة الخليجية) لإنهاء احتجاجات اليمن، بتولي أحزاب المعارضة نصف حقائب الحكومة، بينها رئاسة الحكومة ووزارات سيادية.

كانت تلك واحدة من اللحظات المستحيلة للحزب ورئيسه، وهو يرى نصف الحقائب الوزارية بأيدي خصومه السياسيين، ما دفع صالح وحزبه إلى لعب دور المعارضة، رغم أن رئيس اليمن، وفق المبادرة الخليجية، كان هادي، الذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب وأمينه العام، وكان قبل ذلك نائبًا لصالح منذ 1997.

تسببت معارضة حزب المؤتمر وافتعاله لأزمات بتوسع الأزمة بين صالح والرئيس هادي، ليعلن الأول إقالة الثاني من مناصبه بالحزب، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، بعد شهرين فقط من سيطرة قوات الحوثيين، المدعومة من إيران، على العاصمة صنعاء، لكن هادي أعلن رفضه للقرار، ونَصَّبَ نفسه رئيسًا للحزب لتنضم إليه قيادات تاريخية كبيرة، مثل رئيس الحكومة الأسبق، عبد الكريم الإرياني، وحينها أصبح حزب المؤتمر جناحان متنافسان.

في مارس/ آذار 2015، بدأت تحالف عربي، بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الموالية للحكومة، بهدف دعم الحكومة الشرعية، وإسقاط انقلاب الحوثيين، واستعادة الدولة اليمنية، التي سيطر على مؤسساتها الحوثيون، عندها أعلن صالح تحالفه الصريح مع الحوثيين، في تتويج لتحالف خفي مع الجماعة مهد لها السيطرة على محافظات يمنية، بينها العاصمة صنعاء.

وبينما كان هادي يستقر في العاصمة السعودية، بدأت حركة نزوح لقادة بارزين في حزب المؤتمر إلى الرياض، وبينهم رئيس الحكومة السابق، أحمد عبيد بن دغر، الذي كان يشغل الأمين العام المساعد لحزب صالح، ورئيس البرلمان الحالي، سلطان البركاني، الذي لجأ إلى القاهرة منعزلا عن الجميع، قبل أن يتجه إلى الرياض.

رغم الانقسام الكبير إلا أن صالح حافظ على حضوره الشعبي، لكن تحركاته بعد عامين من التحالف مع الحوثيين، لم تعجب حلفائه، وبدأ الصدام الأول مع تنظيم الحزب احتفالًا كبيرًا في ميدان السبعين، وسط صنعاء، في 25 أغسطس 2017.

وسط أنباء عن تقارب بين صالح والتحالف العربي، أغضب الحشد الكبير حلفاء صالح الحوثيين، ولذا عمدوا إلى استفزازه هو وأنصاره، فبدأت حرب إعلامية، ثم تفجرت مواجهات عنيفة بين قوات الطرفين، في بداية شهر ديسمبر من العام نفسه.

وخلال أربعة أيام كان صالح، الذي وصف نفسه بالراقص على رؤوس الثعابين، يُقتل بلدغة من حلفائه، في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2017.

بعدها، تعرض حزب المؤتمر وكوادره لحملة اجتثاث من صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وبينما تمكن قادة من النجاة بأنفسهم جرى اعتقال آخرين، فيما كان فريق ثالث يدين بالولاء للحوثيين، بينهم الأمين المساعد للحزب، أبو راس، الذي أعلن بعد أيام إطلاق عمل الحزب من صنعاء، والتحالف مع الحوثيين.

لكن الحضور الشعبي كان يرى في نجل صالح، المقيم في الإمارات، العميد أحمد علي، الوريث الشرعي لقيادة الحزب.

ورغم التزامه الصمت إلا إن الأضواء كانت موجهة صوب تحركات "علي"، كونه الوريث الشرعي لصالح، خاصة وأنه يحظى بدعم من الإمارات.

تسبب انشطار الحزب إلى أربع نسخ (اليمن، الرياض، أبوظبي والقاهرة) في إذكاء مطامع كل طرف للسيطرة عليه، إلا أن الحزب، الذي حكم اليمن أكثر من ثلاثة عقود، كان قد ذهب دون رجعة، وتفتت قاعدته الجماهيرية بين الحوثيين ومصاعب الحياة.

ويبدو أن الوضع الراهن لحزب المؤتمر ربما يستمر طويًلا، ففي غياب حسم عسكري، تتعثر جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، والتي سقط فيها سبعين ألف شخص بين قتيل وجريح، بحسب منظمة الصحة العالمية.