ادبــاء وكُتــاب


24 مايو, 2019 06:47:31 ص

كُتب بواسطة : صالح الداعري - ارشيف الكاتب




ظل الشعب اليمني يناضل لسنوات طويلة سعيا لتحقيق الوحدة اليمنية،على امل ان تحقق تطلعاته في بناء دولة قوية تضمن لشعبها العزة والكرامة، و للوصول الى ذلك الهدف قدم قوافل من الشهداء، حتى تحققت في 22 من مايو عام1990م ذلك اليوم الذي رقص و فرح له كل ابناء اليمن جنوبا وشمالا، ظنا منهم ان زمن الحروب والتمزق والتشطير قد ولى، وان عهدا جديدا من النهوض و الرخا قد بدأ وكان الجنوبيون اكثر حماسا وسعيا للوصول الى هذا الهدف المنشود وباركوه باجماع شعبي كبير بينما كان ابناء اشمال اقل حماسا، فقد كان لبعض المشايخ ورجال الدين اعتراضات وتحفظات على ذلك.

لقد كانت القيادة والشعب في الجنوب يدركون ان الجنوب اكبر مساحة من الشمال وغني بثرواته واقل سكانا، الا انهم آثروا مصلحة الوطن الكبير في الوحدة على مصالحهم الشطرية والشخصية، وتنازلوا عن الرئاسة والعاصمة، وتركوا عدن وطلعوا صنعاء املا بقيام دولة قوية معاصرة مشترطين اقتران الوحدة بالتعددية السياسية والحزبية على امل المنافسة الشريفة في الوصول الى الحكم بطريقة ديمقراطية حرة بااعتبار ذلك حق مشروع.

وما ان وصلوا الى صنعاء الا وبدأ التحريض ضد القيادات الجنوبية والجنوبيين بشكل عام على انهم شوعيون ملحدون ولا يجوز شرعا ان يحكموا مسلمين، وانشأوا الكيانات السياسية على انهم احزاب معارضة بغرض التحريض الديني على القيادات الجنوبية ، وسخروا لذلك منابر المساجد والمدارس والصحف.

وبعد اكتمال التحريض والتعبئة بدأوا بمباشرة الاغتيالات للكوادر والقيادات الجنوبية، حتى بلغ عدد المغدور بهم اكثر من 155 كادر.

رافق ذلك التحضير للانتخابات البرلمانية مستغلين كثافة الشمال السكانية فلم يعط للجنوب سوى 58 دائرة من بين 301 دائرة اجمالي مقاعد البرلمان ،وبذلك تمكنوا من السيطرة على السلطة التشريعية في البلاد، فبدأوا بنقض كل ما اتفقوا عليه مع القيادة في الجنوب، وقاموا بتعديل الدستور والقوانيين بما يتلائم ومصالحهم الشخصية والشطرية على حساب الجنوب وابناءه.

حينها ايقن الجنوبيون قيادتا وشعبا بان حلم الوحدة قد تحول الى وبال عليهم وان الجنوب قد تحول من شريك الى تابع وان حياة القيادات الجنوبية في صنعاء قد باتت في خطر، فقرروا الفرار بجلودهم الى عدن، ولكن القيادة في الشمال بقيادة علي صالح كانت قد حسمت امرها بإعلان الحرب على تلك القيادة بااعتبارها عناصر انفصالية مرتدة عن الوحدة، واصدروا الفتاوى بوجوب جهادهم وبدأت الحرب في وقت كان الجنوبيون ما يزالون متمسكون بالوحدة الى ان اجتاحت القوات الشمالية الجنوب وباتت على مقربة من عدن، اعلن الرئيس الجنوبي ونائب الرئيس حينها فك الارتباط مع الشمال .


لم يغير ذلك من الامر شيء فاستمرت الحرب وانتصر الشماليون فيها ودخلوا عدن وفرت القيادات الجنوبية الى الخارج،وبدأوا بااعمال السلب والنهب لكل ممتلكات شعب الجنوب من معسكرات ومصانع وقطاع عام معتبرينها غنائم حرب فما كان امام الجنوبيين من خيار الا القبول بالامر الواقع، واستمرت عصابة صنعاء بالسيطرة والبسط على كل مقدرات الجنوب من ارض وثروة ومنشئات وقاموا بستريح معظم الموظفين من اعمالهم والبعض منهم احالوهم الى التقاعد ولم يكتفوا بذلك بل استمروا بالتضييق على الجنوبيين وحرموهم من الوضائف والكليات.


وبعد ان ضاق الحال بالناس بدأوا بالتحرك وشكلوا جمعية اطلقوا عليها جمعية المتعاقدين العسكرين، فحاولت سلطات صنعاء قمعها وقامت ببعض الحلول الترقيعية، الا ان الجمعية بدأت تتوسع حتى تكللت بمضاهرات واحتجاجات عنيفة، واستمرت في التصاعد الى ان بدأ ما عرف بالربيع العربي، الذي ادى الى رحيل راس نظام صالح اعقب ذلك حربا طاحنة مازالت الى يومنا هذا .