ادبــاء وكُتــاب


12 يوليه, 2017 02:39:30 م

كُتب بواسطة : أحمد عمر بن فريد - ارشيف الكاتب


اذا لم يحسن المرؤ التصرف في القوة التي قد تتوفر لديه في مرحلة ما بطريقة تنسجم مع جملة الأهداف السياسية التي يسعى الى تحقيقها , قد تاتي ظروف ناتجة عن ذلك فتفقد هذه القوة وجودها وحتى معناها , لأن غرور القوة هو اصعب واخطر انواع الغرور . كما أن قوة السلاح هي القوة الأسهل على التلاشي في أي لحظة من لحظات الزمن , ثم تليها القوة السياسية التي تعتمد على المشروعية الشعبية. ولنا عبرة فيمن بدأ لهم وللعالم من حولهم في أزمانهم الزاهية انهم قوة عسكرية لا تقهر فاذا بقواتهم تتهاوى الى لاشيء بفعل السياسة الطائشة ... هتلر نموذجا .

الجنوب اليوم يبدو على مشارف " الاستقلال " ... ويمتلك القوة التي يمكن ان تدفع بهذا الخيار الوطني الى محطتنا الأخيرة التي طالما انتظرناها وحلمنا بها , وناهيك عن القوة الجماهيريه التي كانت سلاحنا الوحيد , هنالك قوة أخرى تتوفر لدينا اليوم متمثلة في امتلاكنا لقوات عسكرية وامنية على ترابنا الوطني " تتبع لنا" ..وهنالك قوة اخرى نمتلكها تتجسد في انعدام اية " قوات عسكرية " او حتى سياسية لقوى الاحتلال ورموزها على ارضنا , وهناك قوة ثالثة أخرى تتمثل في وجود نوع من " القبول " الاقليمي والدولي بتعريف قضية الجنوب كمانحب أن نعرفها نحن لا كما يعرفها الاحتلال ولا حتى كما يعرفونها عالميا.

كل هذه القوة يمتلكها الجنوب اليوم.. ولكن !! علينا ان نتذكر ان جميع ما ذكرت من انواع مختلفة للقوة قد تولدت بفضل " القوة الاساسية " لنا كجنوبيين وهي وحدتنا الوطنية التي تعتبر الركيزة والدعامة الرئيسية لوجودنا والمصدر الأساسي لقوتنا وحتى لمشروعية قضيتنا , ما يعني ان الحفاظ على هذه القوة هو الحفاظ على انفسنا وعلى مشروعنا الوطني كي نكون احرارا على ارض نملك القرار السياسي على كامل مساحتها الجغرافية , اما في حال بدأت هذه القوة تتصدع لهذا السبب او ذاك فيمكن ان ندشن دون ان نعلم مرحلة التراجع الى الخلف التي سيكون اخطر ما فيها اننا سنتراجع دون ان نشعر بهذا التراجع وحتى دون ان نعلم به.

الاستخفاف بالرأي الجنوبي الآخر تحت هذه الذريعة او تلك سبق ان جربناه في الماضي ولم يسقنا الا المر والعلقم .. في حين ان القبول بالآخر والانفتاح عليه بشفافية قد يغلق ابواب سلبية ذات تداعيات خطيرة . وفي تقديري ان الذهاب الى الآخر الجنوبي الى عقر داره والحوار معه خاصة القوى المؤمنة بالاستقلال يجب ان يحتل الأولوية للمجلس الانتقالي الجنوبي في برامجه وخططه الداخلية , اما القول بأن هذه الفئة خائنة او تلك عميلة او مأجورة فلا يمكن ان يقودنا الى تعزيز وحدتنا الوطنية .

والعميل يمكن ان يكون كذلك في حال ثبوت العمالة عليه بالدليل القاطع الذي يمكن ان يكون سببا في الامتناع عن الحوار معه .. اما خلاف ذلك وبما هو مبني على افتراضات فلست شخصيا من انصاره بل اني من اشد اعداءه والمحذرين منه .