ادبــاء وكُتــاب


27 أكتوبر, 2019 04:22:21 م

كُتب بواسطة : سكينة المشيخص - ارشيف الكاتب


عبور اليمن إلى السلام يحتاج إلى إرادة وطنية تتجاوز ما ترتب على الثورة من سياسة أمر واقع أفضت إلى محاولة بعض التيارات السيطرة على مؤسسات الدولة وأجهزتها، الأمر الذي قاد بدوره إلى تعقيد وتقعيد المشهد السياسي والأمني، وتهديد دول الجوار بشظايا الفوضى التي أنتجتها الكيانات التي استعدت الجميع.

التحالف العربي تدخل تحت مبرر إنساني كامل لحماية اليمنيين من السيطرة الأحادية على الدولة من قبل الحوثيين وما يعنيه ذلك في المسار السياسي والأمني حاضرا ومستقبلا، سواء لليمن واليمنيين أم لدول الجوار وفي مقدمتها السعودية، التي سعت بكل جهدها لتحقيق توازن منطقي يتناسب مع الحالة اليمنية، فقد كانت في البداية عاصفة الحزم لردع المعتدين ثم إعادة الأمل التي قدمت كل المعينات التي تجعل الشعب اليمني يحيا بكرامة دون قيود الجماعة الحوثية على حياته.

النتائج اليمينة تلاحقت بصورة دراماتيكية مع استمرار الأعمال العدائية والإرهابية على السعودية والشعب اليمني، وخلال ذلك برز حضور واضح للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي لم يكن على وفاق مع الحكومة اليمنية، ولكنه أكثر منطقية في ممارسته السياسية، كما أنه أكثر مقاربة وطنية وسياسية مجردة من الأسرار الإضافية، لذلك كان عدم توافقه في إطار سياسي بحت، وذلك ما أفضى إلى تحقيق اختراق في توافقه مع الحكومة مؤخرا.

ذلك الاتفاق تم في الرياض، وبغض النظر عن الأسباب التي أنتجت الخلاف والاختلاف في وجهات النظر بين الطرفين إلا أن السعودية ظلت على الدوام قريبة من الجميع، وعلى ذات المسافة التي يمكن من خلالها تحقيق المقاربات التي تجعل الأطراف اليمينة تجلس على الطاولة وتناقش مشكلاتها بروح وفاقية حفاظا على أمن وسلام الشعب اليمني.

دور السعودية في هذا الاتفاق هو الأصل في كل جهود إحلال السلام في اليمن، وكونها تحظى باحترام وتقدير الفرقاء اليمنيين هو الذي جعلها تدير التفاوض بسلاسة انتهت إلى اتفاق يرتكز إلى المرجعيات والمبادئ الرئيسية بما يحترم مطالب المكونات اليمنية كافة بما فيها ما يتعلق بالقضية الجنوبية من خلال الحوار والعمل السياسي، واستتباب الأمن وتحقيق النمو الاقتصادي.

ذلك الدور السعودي امتداد لأدوارها في دعم اليمن في جميع المجالات غير أنه تبقى مشكلة الطرف الحوثي الذي لا يستحضر العمق الوطني في أي تفاوض وإنما له أهداف وأجندة أخرى معلومة لا تجعله مرنا أو قابلا للتفاوض لأنه في الواقع لا يناقش أو يحاور أو يفاوض من أجل اليمن أو اليمنيين وإنما يتحدث من منطلقات أخرى لا تعني الشعب، وذلك ما يجعل التوصل إلى اتفاق معه صعبا وربما مستحيلا.

اتفاق الرياض الأخير يركز نشاط القوى السياسية اليمنية ويجعلها أكثر وحدة في مواجهة الطرف الذي يؤخر الحل السياسي في اليمن، وكما ذكر مسؤول أممي بأن الحوثيين وإن كانوا جزءا من الحل فإنهم أيضا جزء من المشكلة، وجزئيتهم في الحل ترتبط بكونهم يمنيين ولكنهم لا يضعون الهم اليمني في صدارة أجندتهم وإنما العامل الخارجي الذي يملي عليهم ما ينبغي أن يفكروا فيه بعقلانية ليصبحوا بالفعل جزءا من الحل ووضع حد للحرب، لأنهم بسلوكهم الحالي حتما سيضعفون ويصبحون أكثر رفضا من اليمنيين، ولكن حتى ذلك الوقت يخسر الشعب كثيرا من حقوقه في الأمن والحياة الكريمة، ولن تقدم الأطراف الدولية والإقليمية المنتفعة من عناد الجماعة الحوثية وإرهابها ما يمكن أن تقدمه السعودية من دعم حقيقي للشعب وتنمية بلاده، لذلك لا بد وأن ينعكس اتفاق الرياض الأخير على اليمن بنتائج إيجابية تسهم في الضغط على الحوثيين لزيادة جرعتهم الوطنية والتعامل مع معطيات الحرب في إطار سياسي بأفق أكبر يعود بهم إلى الطاولة بمرونة ورغبة أكبر في السلام.