ادبــاء وكُتــاب


02 يناير, 2020 08:31:43 م

كُتب بواسطة : صالح الداعري - ارشيف الكاتب




بعد فترة طويلة من الاصرار و العناد على تجاهل القضية الجنوبية، نتيجة ما لحق بالجنوبين من ظلم من بعد حرب صيف 1994 ،اجمعت كل الاحزاب والمكونات شمالا وجنوبا، بعدالتها، وتوج ذلك بالاعتراف رسميا بها، بمخرجات الحوار الوطني.

لازال البعض ممن لم يستفيدون من تجارب الماضي، يراهنون على خيارات سبق فشلها منها الرهان على شق الصف الجنوبي ،ضنا منهم انهم بذلك سيحافظون على بقاء الوحدة.

ان الرهان على اثارة الاحقاد وتمزيق النسيج الجنوبي لن يساعد في بقاء الوحدة، ولم يصب في مصلحة اي طرف، ولم يقتصر ضرره على اعادة اليمن الى ماقبل عام1990 فقط بل سيتعدى ذلك وسيتسبب بتقسيم اليمن الى دويلات صغيرة ضعيفة ومتناحرة.

ان الحفاظ على الوحدة يتمثل في ايجاد عوامل ثقة بين جميع الاطراف، والعمل على تجاوز خلافات الماضي والعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية و الاخوية بين كل فئات ومناطق اليمن..

ان تكرار ممارسات تجارب نظام صالح في ادارة شئون البلاد بالازمات، وسياسة فرق تسد، وضرب القبائل والمناطق ببعضها، ونبش احقاد الماضي، لن تزيد بلادنا الا تمزقا وتشرذما، فكلنا نعرف الى اين اوصلت البلاد هذه الممارسات، والى اين اوصلت صاحبها صالح، واين يمكث حاليا (فاعتبروا يا اولي الالباب).

اما القيادات الجنوبية فعليهم ان يعلمون ان الاقدار قد تسوقهم الى المشانق ،اذا ما استمروا في غيهم، في التلاعب والمتاجرة بالجنوب وقضيته العادلة، وجر الشعب الى اتون صراعات مناطقية او حزبية عبثية، فلا احد يستبعد ان يكون مصيرهم مصير ما حصل ويحصل للكثير من القيادات في عدد من البلدان العربية، وربما يحاكمون باثر رجعي على كل ما ارتكبوه من جرائم في حق الجنوبين في الماضي والحاضر.

ظهرت الكثير من المؤاشرات التي تفيد بان الشعب في الجنوب بدء يستفيق من سباته طيلة العقود السابقة وبدأ في التخلي عن عوامل البعد الجغرافي، فلم يعد العزف على وتر المناطقية والعنصرية والحزبية يجدي نفعا وبات مدركا ان المستاثرين بالسلطة والمال الحرام هم سبب كل معاناته في الماضي والحاضر، ولم يقبلوا ان يظلوا ادوات يحركها عشاف السلطة المال وقتما وكيفما شاءوا.

ان الازمة السياسية التي مرت بها بلادنا، وما لحقتها من حروب لازالت مشتعلة حتى يومنا هذا، قد الحقت بالغ الضرر في المجتمع ومؤسساته المدنية والعسكرية حيث تعرضت للتدمير والتخريب غالبية المنجزات من بنى تحتية ومرافق حكومية وخاصة الخ، والتي كان قد حققها شعبنا بكده وعرق جبينه طيلة العقود السابقة. وسقط نتيجة الحرب مئات الالاف من الشهداء والجرحى، وضربت الوحدة الوطنية في الصميم، ومزقت النسيج الاجتماعي شر ممزق.

لقد تسببت في العبث بكل البيانات الوظيفية والاحصائية ، في جميع مؤسسات الدولة حتى التعيينات لشغل المناصب القيادية والوظائف، لم تعد تراعي المؤهلات والكافاءت.

لقد صار الولاء هو العنصر الاساسي في اختيار شغل المناصب القيادية، ما اسهم بوصول العديد من العناصر التي لا تتوفر فيها ادنى معايير الاختيار الى مواقع قيادية، في وقت تتوفر فيه عناصر تتمتع بالكفاءة والخبرة، قد لا يمتلكها اي بلد من البلدان المجاورة، الامر الذي ستكون له اثار سلبية على مستقبل البلاد.

لقد اثبتت التجارب وبما لايدل على مجالا للشك استحالة انفراد اي جماعة او منطقة او حزب بالسلطة، فعلى الجميع ان يدرك حقيقة ذلك، والابتعاد عن تكرار تجارب الماضي وعليهم ان يدركون ان استقرار الوطن مرهونة باشراك الجميع في ادارة شئون البلاد دون استثناء.