ادبــاء وكُتــاب


30 ديسمبر, 2017 03:41:27 م

كُتب بواسطة : قاسم المحبشي - ارشيف الكاتب


ليس هناك ما هو أجمل من أن تصلك رسالة من صديق تعزه وتحبه لتكتشف إنها كتابا من تأليفه.

وهو في طريقه من المكلا الى عدن أبرق لي الصديق العزيز دكتور خالد بالخشر بإنه يحمل لي رسالة من المكلا، فرحت بقدومه ولم أُعر أمر الرسالة اكتراثي، وصباح الأربعاء شرفني بمكتبي بعد أن إنهاء مناقشة رسالة ماجستير باللغة الأنجليزية في مركز الاستاذ الراحل، عبدالله فاضل رحمة الله عليه، جأني بهيئته الأكاديمية المرتبة كما عهدته في جامعة بغداد. وكنت سعيدا بزيارته الكريمة، تحدثنا في أمور كثيرة وتذكرنا أيام بغداد الجميلة على مدى ساعة ونصف مر الوقت دون أن نشعر! فاعتذر بالمغادرة لتلبية دعوة سابقة. وفِي ختام الزيارة مد لي ظرفا مغلقا، فتحته على الفور فإذا به كتاب أهداه لي صديقي العزيز الدكتور عبدالله سعيد الجعيدي، رئيس مركز حضرموت للدراسات التاريخية والبحوث والتوثيق والنشر. وكان عنوانه لافتا ومثيرا( عابر سبيل) في طبعة أنيقة وألوان متناسقة، عن دار مكتبة الصالحية للطباعة والنشر، في ???صفحة من القطع المتوسط. مشوفعا بالإهداء بخطه الجميل. أحسست بسعادة غامرة وأنا التلمس عابر سبيل القادم من المكلا، فأدخلته حقيبتي معشما نفسي بوجبة ثقافية مكلاويّة جعيدية شهية، متذكرًا كتابه الأول ( أوراق مكلاويّة) الذي إهداني ياه مشكوراً قبل عامين في المكلا. الذي سرد فيه الكاتب وقائع ومواقف وأخبار واسرار وحكايات كثيرة عن حياة تلك الدرة المكنونة التي لا تبوح بأسرارها الإ لمن تحبهم وتعلم أنهم يحبونها، والزميل عبدالله من أخلصهم. وقد استمتعت بقراءته وزاد حبي للمكلا بعده. غير أن المفأجاة السارة حقا كانت مع هذا المولود الطازج، عابر سبيل، الذي يثير عنوانه المثير كنانة باذخة الأخيلة وتداعيات الافكار مفعمة السحر والجمال. مع عابر سبيل، قضيت ساعات ممتعة من القراءة، في رحاب عوالم صديقي المؤرخ المتميز دكتور عبدالله بن جسار الجعيدي. فوجدت فيه أشياء واشياء كنت أجهلها، لأسباب هو يعلمها، إذ لم نتزامل في الدراسة أو في مكان ماء لمدة كافية. عرفته منذ بضع سنوات عبر الصديقين العزيزين دكتور سعيد الجريري والدكتور خالد بلخشر، فضلا عن ما يوحيه شخصه الكريم من تكتم ووقار ورجاحة وأتزان وندرة في الكلام، تجعله دائما في موضع جدير بالتقدير والاحترام، إذ أنني منذ عرفته ووده ينمو ويزيد في قلبي. لكن كتاب عابر سبيل، فتّح عيني على الجعيدي من جديد ورأيته بعيون جديدة وشعرت بانني أكتشفه لأول مرة في حياتي. وهذا هو ما حفزني للكتابة بصيغة احتفالية تليق بهذا الحدث الجميل. وإذا كان سقراط الحكيم قد قال في زمانه ( تكلم حتى أراك) فها أنا اقولها الآن ( أكتب حتى أعرفك) وهنا والآن وعبر كتاب عابر سبيل رأيت العزيز عبدالله الجعيدي بإهاب باذجة الروعة بألوان الطيف بتناسق جميل. إذ اكتشفت فيه شخصية متنوعة الأبعاد والأفاق عميقة الاغوار وثرية الثقافة ومرهفة الإحساس وبارعة الأسلوب. ففي هذا الكتاب البارامي، وجدت المؤرخ النقدي والأديب السردي، والسياسي الحضري، والمفكر النظري، والكاتب الصحفي، والدارس الثقافي، ولا أعلم مدى اتصال د. الجعيدي بحقل الدراسات الثقافية والنقد الثقافي، الجديد النشأة في فضاء الفكر المعاصر، إذ أدهشني بتوظيفه الحاذق لمداخل وأدوات حقل الفكر الجديد هذا في كتاب عابر سبيل، إذ جمع بين التاريخ والأدب والانثربولوجيا وعلم النفس السياسة والسيرة الذاتية والنقد الثقافي والأخلاقي فأجاد المزج بينها بدقة واتقان قل نظيرها في كتابات المؤرخين التقليدين بعد ابن خلدون . وهذا هو ما المح اليه الدكتور الأديب الناقد الفذ عبدالله حسين البار رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين السابق في تقديمه للكتاب. الذي تمكن من تفكيك عتبة الكتاب وأماط اللثام عن تناصاته وانزياحاته وتداعياته البنائية والذهنية. الكتاب جاء بخمسه محاور:
الأول : صدى السنين على مشارف الخمسين. والثاني من يوميات مدرس في الأرياف، والثالث: مسيرة .. النجاح معوقات ومقترحات والرابع: مشاهدات ورفقات والختام مع اولاد حارتنا. وكل قسم يتضمن عدد من العناوين المصاغة بطريقة مبتكرة وغير تقليدية البته. منها على سبيل المثال ( نحيب المدارس، ضوصاء منتصف الطريق، شذرات من تجربة ذاتية، سيبي ما سيبي، أقمار حافتنا، الحدز ولا الشجاعة..الخ).
شكراً دكتور عبدالله وصلت الرسالة وتهانينا الحارة بهذا الإنجاز الثقافي الإبداعي الجميل وتمنياتي لك بالمزيد من الإبداع والعطاء، وخالص الشكر والتقدير للدكتور خالد بلخشر على إيصال هذه الهدية المكلاويّة الرائعة. وللمكلا بالقلب والروح ذكرى، فاهلا بأوراقها في عدن الف سهلا. تلك كانت مجردة لحظة إحتفاء عابرة بالكتاب الجدير بالمزيد من القراءة والنقد والتقييم.