ادبــاء وكُتــاب


21 سبتمبر, 2018 11:20:24 م

كُتب بواسطة : امين اليافعي - ارشيف الكاتب


السبيل إلى ما بعد الإمامة
لن تتحرر صنعاء من أسرها التاريخي إلا بوجود مشروع وطني حقيقي قادر على انتزاعها من غيابة الجُب السحيقة.
ومن الضروري والمفيد أن يتم قراءة تطورات الأربع سنوات الأخيرة بطريقة أكثر عمقاً ومنهجية، بعيداً عن تأثيرات وارتدادات الصدمة، وعن المشاعر والانفعالات التي تطفو على شكل هجاءات مرّة ، لكن يبدو أنها لن تُقدّم أو تؤخر من حقيقة وطبيعة الواقع. لذلك فالحاجة ماسة إلى تقديم تصورات ومقارابات دقيقة للتعامل مع الواقع من منظور وطني، يهدف إلى تغييره، وإيجاد حلول لإشكالاته المستعصية.
وأول سؤال ينبغي الوقوف عنده طويلاً، وربما قد يحتاج الأمر إلى كتب كثيرة لتناوله من جميع أبعاده، هو السؤال المفتاحي: كيف لجماعة (دينية، كهنوتية، طائفية.. سمها ما شئت) يقودها مجموعة من الشبان ذي مستويات تعليمية متدنية جدا وكانت مُحاصرة في منطقة جبلية أن تصبح سلطة الأمر الواقع والمهيمن الأوحد فتزيح كل القوى الفاعلة التي هيمنت على السلطة لأربعة عقود في غضون 4 سنوات فقط؟
والسؤال الأساسي الثاني هو: هل يُمكن لقوى سياسية، شرعية وغيرها، موجودة في صدارة المشهد وتدّعي بأنها تحمل على عاتقها مواجهة الحوثي برأية وطنية مبينة، ونحن نعلم تماما بأنها قوى مخادعة ومضللة ولا وطنية، بل هي، وبالتحالف مع قوى إقليمية، السبب الرئيسي في تدمير أي بادرة لمشروع وطني، وكل ما يحدث في الواقع من انتكاسات وإرهاصات وبما في ذلك عودة الفكرة الإمامية من بابها الواسع هي نتيجة طبيعية لسياساتها وسلوكياتها غير الوطنية وغير الرشيدة؟
لا يمكن هزيمة المشروع الحوثي، وفي ظل التعقيدات الإقليمية والدولية في اللحظة الراهنة، إلا من خلال نخبة وأرضية ومقاربة وسلوك وطني حقيقي مستقل، وبعبارة أخرى: كلما بقت هذه الخردات المدمرة من القوى والنخب السياسية في صدارة المشهد، رد علينا الواقع وبكل قوة وبجاحة "أبشر بطول السلامة يا عبدالملك"!!.
فهل يوجد هنا أو هناك من أحدٍ أو زمرٍ تملك الجرأة فتقفز إلى معمعة هذه الواقع المأساوي بمشروع وطني؟
طبعا أعرف أن الناس العاديين سيتعبرون التفكير بهذه الأسئلة هو عبثٌ مطلقٌ في ظل ظروفٍ تسحقهم سحقاً دون هوادة، ومن الأولى والضروري التفكير الآن بالأولويات الطارئة: وقف الحرب، وفك الحصار الخارجي الخانق والمميت، ووقف التدهور الاقتصادي والمعيشي والخدماتي والأمني المهول..إلخ.
وهم معهم كل الحق في قول ما يشائون من عتب أو تقريع، لكن في المحصلة النهائية يقول لنا هذا الواقع في شموليته، وبكل صفاقة وبجاحة، وللمرة المليون: "أبشر بطول السلامة يا عبدالملك".
وعبدالملك، ليس هو القيادي الناصر البارز والحبوب، ووزير الخارجية السابق، ومستشار رئيس الجمهورية الحالي، وصاحب النظرية الشهيرة في تفسير سبب تحوّل "التحرير إلى تخريب"!
والمعنى في بطن الجن.