تحليلات سياسية

السبت - 05 أكتوبر 2019 - الساعة 05:43 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/خاص

خمس سنوات من الحرب التي أشعلها الحوثيون في صيف 2014, ذاق فيها ملايين المدنيين آثارًا فادحة، لكنّ المسؤولية لا تقع وحدها المليشيات، بل يتحمّل المسؤولية كذلك ذلك الفصيل المخترق لحكومة الشرعية الذي لا يختلف إرهابه كثيرًا عن إرهاب الانقلابيين.. الحديث عن حزب الإصلاح، ذراع جماعة الإخوان الإرهابية.

"الإصلاح" على مدى سنوات الحرب، ارتكب الكثير من الخطايا في حق الجميع، فبينما كان الحرب في بدايتها وتدخَّل التحالف العربي لمواجهة الحوثيين، كانت المليشيات الإخوانية تعد العدة لتستولى على السلطة برمتها متسترة خلف عباءة الشرعية، وشكّلت ما أسمته "جيشًا وطنيًّا"، وضمّت إليه الكثير من عناصرها، حتى صبغت وجهها "المليشياوي" على هذا الجيش، وحرّكته وفقًا لأجنداتها.

حرّك "الإصلاح" هذا الجيش إلى معارك جانبية، بعيدًا كل البعد عن المليشيات الحوثية، بل في أطراف جانبية، لتمنح المليشيات الموالية لإيران فرصة البقاء لأطول فترة ممكنة.

في الوقت نفسه، وبينما كان التحالف العربي يُضيّق الخناق على الحوثيين والدعم الإيراني لهم، كان للمليشيات الإخوانية دورٌ مفضوح في تخفيف هذا الضغط، وذلك عبر تشويه بوصلة الحرب وتحريفها وافعتال معارك جانبية، وفي مقدمتها عدوان المليشيات الإخوانية على الجنوب الذي تزايد في الأسابيع الأخيرة، بالتعاون مع الحوثيين.

لم تتوقّف خطايا "الإصلاح" عند هذا الحد، بل إنّ هذا الفصيل الإرهابي ارتكب خيانات أكبر عندما بات التحالف يضيق ذرعًا من جرائمه، حيث سلّم الإخوان ألوية كاملةً إلى المليشيات الحوثية، وحدث ذلك تحديدًا ردًا على الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية من العدوان الإخواني على الجنوب ودعوتها للاجتماعات في مدينة جدة.

تُشير هذه الوقائع إلى أنّ استمرار حكومة الشرعية بهيكلها الحالي أمرٌ يحمل الكثير من الخطورة على التحالف العربي ومستقبل الحرب على الحوثيين، لا سيّما أنّ المليشيات الإخوانية أصبحت لا تكتفي بعلاقات سرية مع الحوثيين، بل انتقلت إلى تعاون وطيد بينهما في العلن.

هذا "الجنون" الإخواني حدث بعدما أدرك حزب الإصلاح أنَّ الحالة السياسية لما بعد حوار جدة لن تكون كما سبقها، وأنَّه أصبح أقرب ما يكون من أن يتم استئصال نفوذه من معسكر الشرعية بشكل كامل، بعدما ارتكب الكثير من الخطايا وتعاون مع المليشيات الحوثية في خيانة كبّدت التحالف العربي تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا.

وتتطلب المرحلة المقبلة أكثر من أي وقتٍ مضى، إعادة ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، ويتم ذلك في المقام الأول عبر استئصال حزب الإصلاح الإخواني من معسكر الشرعية، التي انحرف أمرها كثيرًا بعدما تركها الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي إمّا بإرادته أو مغلوبًا على أمره، لسيطرة الإرهابي الإخواني علي محسن الأحمر.

ويمكن القول إنّ حزب الإصلاح يقع بين خيارين أحلاهما مر، فإمّا ترضخ لمطالب المجلس الانتقالي الجنوبي المشروعة، وبالتالي يجد نفسه مهمشًا في المرحلة المقبلة، أو يرفضها وبالتالي تكون "الشرعية" في موقف شديد الحرج أمام المملكة العربية السعودية باعتبارها تستضيف وزراء وقادة الشرعية على أراضيها وتنفق عليهم.

وبينما لم تعلن الكثير من التفاصيل عن سير المحادثات أو مخرجاتها، وهو أمرٌ معتاد دبلوماسيًّا في مثل هذه الظروف وتلك الأجواء، لكن معلومات أثيرت عن مبادرة قدّمها التحالف العربي بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية، تفضِي إلى كثيرٍ من التغيُّرات في المرحلة القليلة المقبلة.