عربي ودولي

الأحد - 13 أكتوبر 2019 - الساعة 03:09 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت | الشرق الاوسط


يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غداً (الاثنين) زيارة للسعودية يستقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وتعد الزيارة التي توصف بـ«النوعية»، الأولى للرئيس الروسي للمملكة منذ 12 عاماً (زيارته الأخيرة كانت عام 2007)، وتأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرياض وموسكو تطوراً لافتاً في مجالات مختلفة، بما في ذلك التقارب المستمر منذ أربع سنوات في ملف الطاقة.
وسيكون ملف التعاون الاقتصادي بين البلدين الأكبر خلال زيارة الرئيس بوتين للمملكة، حيث يتوقع أن تتوج المباحثات بتوقيع أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تعاون في ملفات الطاقة والصناعة والزراعة والتقنيات، بالإضافة إلى التعاون الثقافي.
وعشية بدء زيارته التي تشمل أيضاً دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثلاثاء، قال الرئيس بوتين إنه يولي أهمية كبيرة لزيارته للمملكة العربية السعودية، مضيفاً أن العلاقات مع السعودية في السنوات الأخيرة تطورت بشكل كبير. وجاء كلامه في مقابلة أجرتها معه ثلاث محطات تلفزيونية هي «العربية» و«سكاي نيوز عربية» و«روسيا اليوم».
ونقلت «العربية» على موقعها على الإنترنت مقتطفات من المقابلة التي أشاد فيها بوتين بالعلاقات التاريخية الممتدة بين روسيا والسعودية وسعيه إلى تطويرها. وقال: «نحن ننظر إلى (المملكة) العربية السعودية كدولة صديقة لنا. لقد نشأت لدي علاقات طيبة مع الملك، ومع الأمير ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان) أيضاً. وعلاقاتنا تتطور عملياً في الاتجاهات كافة».
وجدد الرئيس الروسي إدانته للحادث الإرهابي الذي تعرضت له منشآت أرامكو النفطية في السعودية، مشيراً إلى عدم دراية روسيا بشأن الجهة التي تقف خلف الهجوم. وأضاف: «لقد قلت للتو، وأريد أن أكرر: بغض النظر عمن يقف وراء هذا الحادث فإننا ندين هذا النوع من الأعمال. هذا هو بالضبط ما قلته. لا يمكن أن يكون هناك تفسير مزدوج... تخيل، نحن لا نعرف. في اليوم التالي، سألت كلا من رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية ووزير الدفاع... لا، نحن لا نعرف».

- لبنة جديدة
وعشية بدء الزيارة، اعتبر كيريل ديمترييف، الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، أن الزيارة المزمعة للرئيس بوتين للسعودية تعكس المستوى الرفيع لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، في ظل توقعات بإبرام 30 اتفاقية مشتركة، كاشفاً عن 8 محاور رئيسية يرتكز عليها برنامج الزيارة، من بينها قيام المنتدى السعودي - الروسي الذي يضم أكثر من 300 مشارك من الطرفين.
وقال ديمترييف، في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض أمس، إن «زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للسعودية زيارة نوعية بكل المقاييس، وتحمل دلالات مهمة، وذات أبعاد معززة للعلاقة بين الرياض وموسكو، حيث تضع لبنة جديدة لمرحلة جديدة من العلاقات التي ستكون هي الأفضل في المستقبل القريب».
وتابع: «بفضل المشاركة والتفاهمات واللقاءات عالية المستوى التي أقامها الرئيس فلاديمير بوتين مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن التعاون بين روسيا والمملكة في تطور مستمر، وهو الآن على أعلى مستوى على الإطلاق، حيث تشهد علاقاتنا الثنائية نقلة في التحوّل على مستويات متعددة».
ورأى ديمترييف أن الزيارة تكتسب أيضاً أهميتها نتيجة «آثارها الفعلية الإيجابية على الأرض»، لافتاً إلى أنها «ستحقق قدراً كبيراً من استقرار المنطقة نتيجة الموقع المحوري للبلدين ودورهما المؤثر في المنطقة، ما سيساهم في استقرار الأسعار لسوق الطاقة ونمو الاقتصاد وسلامة التجارة التي سيستفيد منها الجميع في المنطقة».

- لا حد للتعاون
وأكد ديمترييف أن سقف التعاون السعودي - الروسي لا تحدّه حدود، مبيناً أن هناك كثيرا من المجالات والفرص التي ستكون بيئة خصبة لتعزيز التعاون للبلدين، لا سيما تلك الفرص التي رسمتها «الرؤية السعودية 2030» والتي شملت جميع المجالات، متوقعاً «تدفقاً استثمارياً وتجارياً وإقبالاً مزدوجاً على المنتجات بين البلدين».
وأضاف ديمترييف: «كانت هناك مباحثات ولقاءات حصلت بين الرئيس بوتين وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكذلك مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الأعوام الخمسة الأخيرة، وهذا خلق أرضية صلبة للتعاون الإيجابي ووضع كثيرا من ملامح التعاون على الطريق الصحيح». وتابع أن التعاون بين السعودية وروسيا «سيستمر أثره الإيجابي في خلق سوق عالمية متوازنة وسيساعد على استقرار أسعار الطاقة في الأسواق العالمية».
وتوقع ديمترييف أن تشهد الفترة المقبلة تعاوناً كبيراً في قطاعات الصناعات والتكنولوجيا الحديثة عالية المستوى، وعلوم الفضاء وغيرها من المجالات الحيوية المهمة للبلدين، إلى جانب تعزيز التعاون في الاقتصاد والاستثمارات والتجارة بشكل عام.

- 30 اتفاقية
وبيّن ديمترييف أن هناك نحو 30 اتفاقية ستوقع بين البلدين خلال هذه الزيارة، معتبراً أن ذلك «يوضح بجلاء أن التعاون بين البلدين ليس لديه سقف ولا حدود، وسيشمل كل القطاعات التقليدية والجديدة، بجانب مجالات الطاقة والبتروكيماويات والغاز والقطاع السياحي والزراعة والقطاع الثقافي والتكنولوجيا الحديثة ذات المواصفات العالية، والفضاء والصناعات والسكك الحديدية والذكاء الصناعي وغيرها من المجالات».
وكشف عن لقاءات عقدها مع عدد من المسؤولين السعوديين في الشركات الحكومية الكبيرة ومن بينها شركة «سابك» وشركة «أرامكو» لرسم «خريطة طريق» لكيفية زيادة التعاون في الصناعات ذات الصلة بقطاعات البترول والغاز والبتروكيماويات وغيرها من المنتجات ذات الصلة.
ولفت ديمترييف إلى تكليف الصندوق الروسي للاستثمار المباشر (RDIF) مهمة دعم تطوير التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الرئيسية، إذ إنه يعدّ الشريك الرئيسي للشركات السعودية في روسيا.
وأوضح أن هناك خططاً لإعلان أكثر من 10 اتفاقيات جديدة تزيد قيمتها على ملياري دولار خلال هذه الزيارة، ومن بينها اتفاق شراكة مع مستثمر سعودي رائد في الزراعة الروسية، وشراكة في قطاع السكك الحديدية.
وتشتمل هذه الاتفاقيات أيضاً، وفق ديمترييف، على إطلاق شراكة لاستكشاف فرص الاستثمار في قطاع الأسمدة السعودي، وإنشاء شركة لتأجير الطائرات، بجانب تنظيم الخدمات التجارية لإطلاق وتوصيل الأقمار الصناعية الفضائية، ومضخات التنقيب عن النفط، وإطلاق صفقة لبناء الميثانولانت في أقصى شرق روسيا.

- منتدى للأعمال
وأكد أن برنامج هذه الزيارة سيشهد نشاطاً مكثفاً، حيث ستشهد الرياض غداً الاثنين أعمال المنتدى السعودي - الروسي وهو أكبر وفد لرجال الأعمال الروس في المملكة، وبمشاركة أكثر من 300 مشارك من الجانبين.
وأوضح ديمترييف أن الصندوق الروسي للاستثمار (RDIF) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) يعملان سوياً لبناء تعاون متبادل المنفعة باستثمارات تزيد على 2.5 مليار دولار في أكثر من 30 مشروعاً.
ولفت إلى أن الاستثمارات تشمل: «مجمع ZapSib Neftekhin للبتروكيماويات»، و«HPPs الصغيرة في كاريليا»، و«الترام» عالي السرعة، ومطار «بولكوفو» في سان بطرسبرغ، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في البنية التحتية واللوجيستية والبناء والقطاع الصناعي وتجارة التجزئة والتكنولوجيا وغيرها.

- عوائد استثمارية
ووفق ديمترييف، فإن محفظة استثمارات الصندوقين حققت عائداً بلغ 12 في المائة من عائد الاستثمار، في حين أن العمل يجري على أكثر من 25 مشروعاً جديداً تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار في مختلف القطاعات، بما في ذلك التكنولوجيا والزراعة وتطوير الأعمال في منطقة الشرق الأقصى الروسي.
كما شدد على أن هناك تركيزاً خاصاً على التكنولوجيا المتقدمة بما في ذلك الذكاء الصناعي (AI)، مؤكداً أن الصندوق الروسي سيتعاون بنشاط مع الجانب السعودي في هذا الشأن.
وشدد ديمترييف على أن العمل سيتم تعزيزه مع صندوق الاستثمارات العامة و«أرامكو» السعوديين، وغيرهما من الشركاء السعوديين، لمساعدة الشركات الروسية على دخول السوق السعودية.
ومن بين المشاريع الأخرى، وفق ديمترييف، هناك خطط لأكثر من 10 شركات روسية لتنفيذ مشاريع في السعودية، بجانب إنشاء أكبر مصنع للبتروكيماويات في حديقة الجبيل الصناعية (سيبور، أرامكو السعودية، توتال، سينوبك).
وأكد أن من ثمار برامج هذه الزيارة العمل على زيادة العمل مع «أرامكو» السعودية على عدد من مشاريع البتروكيماويات، حيث تقوم «أرامكو» و«سابك» بتشكيل تحالف غير مسبوق لبناء مجمع بتروكيماويات هائل في منطقة القطب الشمالي يستخدم طريق البحر الشمالي لتزويد المنتجات إلى الأسواق الآسيوية.
ووفق الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، فإن ذلك يوفر فرصة فريدة للاستثمار في مجموعة من المشاريع تبلغ قيمتها أكثر من 400 مليار دولار في مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك البنية التحتية.
وبيّن ديمترييف أن هناك تشابهاً في الأهداف الوطنية للتنمية في روسيا مع «الرؤية السعودية 2030».