اخبار وتقارير

السبت - 30 نوفمبر 2019 - الساعة 03:50 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت /خاص



تمر الذكرى الثانية والخمسين لثلاثين نوفمبر لاستقلال الجنوب من الاحتلال البريطاني، وفي الذكرى يستحضر الجنوبيون الملاحم البطولية التي سطرها الآباء والأجداد على طول البلاد وعرضها، من أجل العيش بكرامة وحرية ونيل الاستقلال.
 غير أن الجنوب لم يهنأ بالاستقلال والتحرير، فبعد  ثلاثة عقود من نيله حريته عاد مجددا ليسقط أمام الغزو الشمالي في العام 94، عندما تولى المهمة التحالف القبلي والديني الإخواني لاحتلال الجنوب.
ومن ذلك الحين عاش الجنوب أسوأ احتلال يعيشه أي بلد في العالم، بعد أن تمكن النظام من تجريف الحياة العامة وتجهيل الجيل الجديد الذي حرم من فرص التعليم والابتعاث الخارجي، كما أن البطالة والفقر طالت أبناء الجنوب في الوقت الذي تسبح مدنهم على بحيرات من الذهب الأسود، الذي تذهب إيراداته إلى جيوب رموز النظام السابق.
لكن الواقع الذي فرضه النظام السابق المتحالف مع حزب الإصلاح ضد الجنوب، ذلك النظام تلقى أول ضربة هزت أركانه كانت الثورة الجنوبية التي أندلعت في العام 2007، الثورة التي فضحت النظام دوليا وأضعفته محلياً، ولم تمر غير أربع سنوات حتى كانت أحد أسباب سقوط النظام.
وبرغم سقوط نظام علي عبدالله صالح، ظل حزب الإصلاح متمسكا بالسطة وبات الوريث لصالح، ولم يقدم أي معالجات لحل القضية الجنوبية، ومارس أبشع صور القمع والتنكيل برموز الحراك الجنوبي، بل وصل به الأمر إلى استخدام السلاح ضد المتظاهرين السلميين في مدن الجنوب، لكن غصرار الجنوبيون على الاستقلال وصمودهم عجل بسقوط دولة الإخوان أمام جحافل الميليشيا الحوثية، التي بورها أرادت التهام الجنوب، وزجت بعشرات الألاف من المقاتلن لجتياح الجنوب، الأمر الذي أدى إلى مقاومة ذلك الغزو حتى نال الجنوب استقلاله الثاني بجهود المقاومة الجنوبية في أغسطس من العام 2015

 لكن التحرير لم يكن مكتملا، وذلك أن بقايا الاحتلال لا تزال تتحكم بمفاصل المؤسسات وتسيطر على موارد البلاد، الأمر الذي جعل من خيار التحرير حتى طرد بقايا الاحتلال، ضرورة ملحة خصوصا في ظل تراجع وتدهور الخدمات، وانتشار الفوضى المنظمة، والفساد الذي يظهر مؤسسات البلاد إضافة إلى تعاظم نشاط الجماعات الإرهابية.
وبرأي الجنوبيين فإن قوى الشمال التي تتواجد في أعلى هرم الحكومة الشرعية هي من تحاول احتلال الجنوب برغم أنها قد هزمت في صنعاء من قبل الحوثيين، إلا أنها تريد الرجوع إلى السلطة من بوابة الجنوب.
من هنا كان قرار المقاومة الجنوبية تنظيف مدينة عدن من بقايا الاحتلال أمر في غاية الأهمية ولا يقل أهمية عن معركة التحرير الأولى، وذلك أن الثورة الجنوبية لم تكتمل ولم تحقق أهدافها، إضافة إلى تكالب القوى اليمنية وعلى رأسها حزب الإصلاح الذي بات يطبخ تحالفات من خلف الكواليس مع جماعة الحوثي وذلك لمنع أي قيام نظام وأمن في البلاد حتى لايذهب الجنوب إلى الاستقلال. وعلى الرغم أن الجنوب بات يمتلك قوة عسكرية ضاربة، يمكنها من صد أي تهديدات مستقبلية، لكن المعركة التي يخوضها العدو الجديد للجنوب قائمة على خلخلة الأوضاع أمنيا، وتجييش عناصر كقوات ناعمة لضرب النسيج الاجتماعي الجنوبي، وخلط الأوراق، وخلق اليأس في نفوس الجنوبيين، واغلاق كل أمل أمام المواطن حتى العودة إلى الوحدة كخيار وحيد لعودة الاستقرار.
اتخذت المقاومة الجنوبية قرار الحرب في أغسطس الماضي، وذلك حتى لا يذهب الجنوب إلى المجهول وخلال أيام الحرب الأولى قدم الجنوب العشرات من خيرة شبابه استبسلوا دفاعا عن الجنوب في أمل استعادة الدولة و تحقيق حلم كل الشعب، غير أن الظروف الإقليمية الراهنة فرضت على القيادة الجنوبية الجنوح للسلام، وفق مخرجات اتفاق الرياض.
 ويرى الناشط السياسي وليد التميمي ،في حديث لـ"تحديث تايم" أن "الجنوب يعيش أيام التحرير الثاني للجنوب بعد أن سقطت معسكرات الإخوان، كمعكبات الذين اغتروا بقوتهم وبطشهم واعتقدوا واهمين بأن أبواب الجنوب ستكون مشرعة أمامهم وأن الرأيات البيضاء سترفع ترحيبا بهم" لافتا إلى أنهم " لم يكونوا يتوقعوا حجم المقاومة والرغبة المتنامية لدى الجنوبيين في التصدي لغرورهم  ومعسكراتهم التي تم سحقها وتحويلها إلى اطلال". 
ويبدو الجنوب في ذكرى الاستقلال من الاحتلال البريطاني، أقوى من أي وقت مضى، ويمتلك زمام المبادرة لأفشال أي مخطط يستهدف مشروعه المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، خصوصاً وذكرى الاستقلال تأتي في ظل تطورات جعلت من الجنوب يستعيد أمجاده.