الدكتور بليغ يكتب

الإثنين - 11 ديسمبر 2017 - الساعة 10:11 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/خاص


باسم الله العدل الحكم القائل في محكم تنزيله وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ(108) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109) الانبياء , والصلاة والسلام على الصادق الوعد الامين القائل فيما صح عنه (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه). متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو حديث متفق على صحته، أخرجه الأئمة المشهورون إلا مالكا , اما بعد ,,,
فهذا الجزء الخامس سنخصصه لكوادرنا وفتياننا في المقاومة الجنوبية عامة , ولؤلئك الذين يمولونهم و يقودهم التحالف الذي تقوده العربية السعودية و الإمارات لتنفيذ عمليات عسكرية في المناطق الشمالية أو على الحدود القائمة بين الشمال والسعودية خصوصا .
و إني أدعو الله وأساله سؤال العبد الواثق بربه وارجوه رجاء الطامع بمنه وكرمه في هذا المقام بأن يحمل رسالتي التي ستكون طويلة هذه المرة إلى اؤلئك الكوادر والفتية الذين أثق بصدقهم وبعظيم تضحيتهم وعمق إيمانهم بربهم أولا وبقضيتهم ووطنهم ثانيا, ويوصلها إلى عقولهم وقلوبهم انه سميع مجيب .
وهنا أحبتي وقبل البدء , أود من باب الصدق مع النفس ومع الآخرين, أود أن اعترف لكم أني لم احمل يوما سلاحا ناريا أو حتى أطلق طلقة واحدة طوال تواجد الحوثيين في أرضنا الجنوبية المحتلة . و هذا حالي باق إلى لحظة كتابتي لهذا المقال , كما أنني لست من أهل المعارك والقتال , و لا ممن عاشوا حياة الجبهات والمواجهات إلا فيما ندر وضمن وظيفتي كطبيب , ولست من تجار الدين أو عناصر المؤسسات الدينية الباحثين عن أتباع يريدون منهم حق الطاعة المطلق وتنفيذ الأوامر دون أدنى تفكير أو مراجعة لأحكام الله ولحقيقة عدله مع كافة البشر , في محاولة لزيادة حصصهم المالية أو زيادة قدرتهم التفاوضية مع مؤسسات الحكم حول مصالحهم , ولست كذلك من المنتمين للتنظيمات أو البني الحزبية اللاوطنية الباحثة عن مستقبل سياسي في المرحلة القادمة , كما أنني لست من المنتفعين أو المعتلفين التابعين لهذا الطرف أو ذاك ممن يدفعون بكم أو بأبنائكم أو بإخوانكم أو بآبائكم للموت في جبهة قتال مدفوعة القيمة مقدما فيما ينعمون هم بكل الخير والأمن , والذي يحلو لكم أن تسمونهم سخرية (مقاولة ) , إنني إذ أقدم لكم هذا الاعتراف و هذه الحقائق عن ذاتي المتواضعة , اعترف لكم جميعا بعظم قدركم عند الله وعند أي حر عاقل سوي في هذا العالم اجمع و عند مجتمعكم , وعميق تقديره لكل ما قدمتموه ولكل ما تقدمونه ولكل ما ستقدمونه في قابل الأيام من صبر وجلد وشهامة وشجاعة وإقدام وتضحية و التزام بالأخلاق , فلا أغلى عند المرء من نفسه , وها انتم تقدمون أنفسكم على أكفكم لا لشيء ,إلا لأجل إيمانكم بربكم وبدينكم وبقضيتكم وبحق شعبكم وأهلكم الذي من اجله تقدمون كل غالي .
وما كانت الآية الكريمة التي ابتدأت بها هذا المقال إلا بشارة لكم , وتوضيحا أيضا , بشارة لكم من خالقكم أن حقكم في أرضكم سيورث لكم دون أدنى شك , فهذا كلام الخالق العدل الحق ولا ريب , لكن هذه البشارة ليست دون شروطها وأسبابها , إن هذه البشارة وهذا الوعد مقرون بأن تكونوا عبادا صالحين , وهذا الصلاح الذي شرطه البارئ عز وجل يفرض عليكم أن تتحلوا بأخلاق وآداب الحرب الذي جاء بها سيدكم وخاتم الأنبياء والمرسلين .
وان هذا الصلاح المشروط بتوريث الأرض ليس فقط أمرا إلهيا مفروضا لاختبار قدراتكم وصيركم ومدى امتثالكم لأوامر الخالق , وليس فقط مظهرا وشاهدا على عظم تعاليم الدين الذي تعتنقونه وتفتخرون بالانتماء للأمة التي تعتنقه , بل هو احد ضرورات نجاحكم العسكري والسياسي , و احد أعمدة صيانة أنفسكم وأرواحكم من انحرافات الحرب ومن تأثير ويلاتها , بما يمكنكم من العودة إلى مجتمعكم والمشاركة في بنائه كأشخاص أسوياء .
إن هذا الصلاح هو الأساس الذي به يمكنكم كأشخاص وكجماعات أن تعرفوا بل و وتحددوا مدى إمكانية استمراركم بالمشاركة في هذه الحرب , و معرفة أي انحراف يطال هذه الحرب نتيجة تأثيرات قوى أو أطراف لا تؤمن بما تؤمنون به وتريد تحويلكم من عباد صالحين مدافعين عن الحق ورفع الظلم عن أنفسكم وعن اهليكم وحتى عن الآخرين, و اللتي قد تكون انحرفت عن مبدئكم السامي وبالتالي بمسار الحرب الذي على أساسه شاركتم فيها , وهل هي حرب وجهاد يستند على قوانين ووصايا الإله العالم بخلقه وبما يصلح لهم , أم أنها تحولت إلى حرب لا أخلاقية , تستخدمكم وقودا و أضحية على مذبح مصالح الغير دون خير أو منفعة أو إحقاق لحق أو إقامة لعدل .
هو نفسه هذا الصلاح الذي اشترطه الخلاق العليم الذي سيضمن لكم ودون أدنى شك حال الالتزام به , وجودكم السياسي وتحقيق مصالحكم , و إني أعي انه قد يجد البعض منكم ويجادل بأن لديه أدلة كثيرة ومتكررة وثابتة في حياتنا الحالية وفي زمننا هذا , يدل على أن ما أقدمه هنا ليس إلا ضربا من المثالية الخيالية التي لا يمكن أن تطبق في عالم اليوم , حيث تمثل المصالح بين الإطراف, و حتى تلك التي تتخذ الدين واجهة لها , والمجردة من أي قيم أو أخلاق , المعيار الحقيقي للقياس, حيث اللاعبون الكبار ومصالحهم وحجم سيطرتهم على مؤسسات الحكم المحلية و عمق سيطرتهم على المؤسسات المتحالفة معها أو الخاضعة لها كالمؤسسة الاقتصادية أو الدينية هو من يحدد سير الأمور .
ولهؤلاء أقول رويدكم أحبتي , ورفقا بأنفسكم , ورحمة بعقولكم , ودعونا نراجع الموضوع سويا ونراجعه كجنوبيين , كشعب مسلم عربي سني له قضية هدفها استعادة سيادته على أرضه ومصيره ومستقبله .
أولا هؤلاء الكبار ليسوا إلها , ولا يملكون قدرات الإله , ولا يملكون أن يغيروا قواعد وسنن الإله , وإلا لمنعوا الموت والفناء عن أنفسهم و لما احتاجوا لان يسعوا للسيطرة على الاقتصاد والسياسة والإعلام والمؤسسات الدينية لتنفيذ أهدافهم وتحقيق مصالحهم , كان يكفيهم أن يقولوا كن , وبالتالي فانتم تعطونهم قوة إضافية ناشئة من وهم أو مفهوم خاطئ .
ثانيا إن طبيعة وسنة الله في الأرض أن يجعل الأيام متداولة بين الناس , وما التاريخ الذي شهدناه من حضارات وممالك ودول شيدناها ارتقت ثم انهارت, إلا دليل واضح على هذه السنة,
ثالثا لم يكن لملك أن يقوم أو يسترد أو يدوم دون صلاح ينتج العدل ويضمن للحكم استمراره , فالحكم مبني في المجتمعات البشرية على رضي المحكومين وطاعتهم لمن يحكمهم , ولم تكن لتطيع ظالما بناء على قوته المحضة , وإلا لدام حكم فرعون ولدام حكم صالح ولدام حكم الحوثي على عدن .
رابعا وهذا أمر هام في هذه المرحلة , لم يكن لحكم أن يبنى أو يدوم دون علم ومعرفة وحنكة وحكمة ومعرفة بمجريات الأمور , وهو ما نفتقده بشدة هذه الأيام في جنوبنا الغالي .
خامسا إن النوايا تسبق الأعمال وتحدد مدى ثباتها واستمراريتها ونتائجها , وهذا هو سبب إيرادي للحديث النبوي الشريف في بداية هذا المقال .
الآن , هلا طبقنا ما ذكرناه من نقاط سابقا على حالة كوادرنا وفتياننا من المقاومة الجنوبية على حال هذه الحرب الدائرة في جغرافيا اليمن ونسأل ثم نجيب, لنرى هل لهذه الأمور مجتمعة اثر في قدرتنا على فهم حقيقة ما يجري من احداث وتغيرات ؟ وهل نستطيع معرفة موقعنا في هذه الحرب أم لا ؟
لنبدأ ... وتحملوا الاطالة ...
- هل خرجتم وحملتم السلاح وقدمتم كل هذه التضحيات قناعة بحقكم و دفاعا عن النفس والدين والعرض والأرض وانتصارا للحق ورفعا للظلم المنطلق من إيمانكم بدينكم ؟
الإجابة نعم
- ما هو الأساس السياسي الذي رافق هذه القناعات الدينية وعززها وسبق هذه الحرب بكثير منذ 7-7-2007 م وما قبلها ؟
الإجابة القضية الجنوبية .
- ماذا تعني القضية الجنوبية ؟ وما هو هدفها أو أهدافها ؟
القضية الجنوبية تعني ثورة شعب الجنوب وحراكه السلمي التحرري وجميع مظاهره المختلفة التي كان آخرها المقاومة الجنوبية ( الذي يحدده انتماؤه كمواطن ينتمي لليمن الجنوبي قبل توقيع اتفاقية مشروع الوحدة العام 90م الذي تحول فيما بعد إلى احتلال دون تمييز للعرق أو الدين أو المذهب أو التوجهات الفكرية) وسعيه لتحقيق هدفه لاستعادة سيادته على أرضه على كامل جغرافيا دولة اليمن الجنوبي .
من هي المقاومة الجنوبية ؟ وما موقفها من تدخل التحالف العربي (وبالذات العربية السعودية والإمارات ) في الجنوب ؟ وما موقفها من الحوثيين ؟ ومن القطريين ؟
- أفضل تعريف للمقاومة الجنوبية قام به الأخ م. جمال مطلق في مقال بعنوان دور المقاومة الجنوبية في تحقيق النصر .
وسأكتفي هنا بعرض الجزء الذي يهمني وهو مقتبس نصا :
( المقاومة :-
وهو لفظ عام يطلق على حالة التصدي المناهض لقوة مهاجمة او قاهرة لغرض كسر سطوتها او لإجبارها على الكف عن هجومها أو فرض سيطرتها .
وفي الوضع الجنوبي تداعى الناس من إتجاهات فكرية وقناعات سياسية وإنتماءات وطنية مختلفة وكان القاسم المشترك فيها هو الإنتماء لمذهب واحد .
المقاومة الشعبية :-
وهو لفظ تم اطلاقه على المقاومة التي أريد لها أن تكون واحدة في عموم جغرافيا ما يسمى الجمهورية اليمنية على أساس سياسي يجمعها التمسك بالشرعية والخروج لصد عدوان وسيطرة الإنقلابيين .( حسب الخطاب الرسمي المدعوم من التحالف ).
المقاومة الجنوبية :-
وهو لفظ خاص فرضه شباب المقاومة في الجنوب وأكثرهم إن لم يكن جميعهم من المشاركين في فعاليات الحراك الجنوبي ومنطلقهم في هذه المقاومة وطني جنوبي .
وقد تداخلت وإختلطت الألفاظ في الجنوب لأن المقاومة إجمالاً كانت خليط من كل تلك الدوافع والأهداف إلآ ان الصفة السائدة كانت ولازالت هي (المقاومة الجنوبية).
انتهى الاقتباس .
ولهذا فقد نتج عن تداخل واختلاط الألفاظ والمفاهيم أن تجد تحت يافطة المقاومة الجنوبية طيفا واسعا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار , ولكنني في هذا المقام سأخصها بالأفراد والجماعات التي تقوم بالعمليات العسكرية أو الأمنية أيا كان مكانها أو وظيفتها , انطلاقا من إيمان وطني جنوبي ثابت ومستمر في حقيقة ان وطنه مسلوب السيادة ويسعى لاستعادة سيادته , يشهد لهذا الإيمان مظاهر ومواقف تستند على القضية الجنوبية .
وهنا لابد لنا من إيضاح أن مفهومنا للمقاومة الجنوبية هذا لا يعني أن هذه المقاومة الجنوبية تعني وحدات عسكرية مشتركة ذات قيادة واحدة ,بقدر ما تعني وحدات عسكرية ذات صبغة جنوبية متعددة في أشكالها ووظيفتها و تمويلها ولائها وما لاحقها من تغيرات في الحجم أو الوظيفة أو التأثير أو النمو , لكن ما يجمعها ( وهذا هو الأهم هنا ) القدرة على استدعائها شعبيا في الجنوب جال وجود عدو خارجي مشترك ( كما حصل مع الحوثيين ).
وبناء على ما ذكر آنفا من تعريف للمقاومة الجنوبية ومفهومها فأن موقف المقاومة اتجاه التحالف العربي ليس ثابتا أبدا ,,وبالتالي اتجاه الشرعية, وقد اختلف وتنوع زمانا ومكانا , بحسب مفهوم ذلك الجزء من المقاومة الجنوبية عن طبيعة علاقته مع دول التحالف , مما فتح بابا واسعا للاختلاف وأيضا بوابة لصنع الخلاف وإثارة الفتن في كثير من الأحيان . ولكن يمكن إجمال هذه المواقف في أربعة تيارات :
التيار الأول ( تيار التكتكة) :يؤمن بأن التحالف كان المنقذ للجنوبيين والمناصر لقضيتهم , ويلعب هذا التيار دور التابع الأعمى, ويوهم نفسه بأنه في دور الند والشراكة , و يقوم في أساسه على تجييش واستغلال مشاعر الكره لأي شيء شمالي , نتيجة تراكم الظلم لمنظومة حكم الاحتلال الشمالي طوال السنين الممتدة منذ 90 وحتى 2015 م ,إضافة إلى إبقاء مستوى الأمل مرتفعا في فكرة ان التحالف (سيكتشف حقيقة طبيعة السياسة في الشمال بما يمكن الجنوب من الانتقال إلى كونه طرفا بدل أن يكون تابعا ) , وهذا كان التيار الأكبر في بداية الحرب ولكنه سرعان ما انحسر بشدة , خصوصا مع تباعد الزمن منذ الأحداث العسكرية التي رافقت احتلال عدن من قبل الحوثيين ثم طردهم و الفشل الواضح والفاضح للتحالف في إدارة المناطق المحررة , ومعاداة التحالف للقضية الجنوبية , واتضاح استغلال التحالف ودفعه لكوادر وفتيان المقاومة الجنوبية باتجاه القتال مع الحوثي من جهة , ومحاربة التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى , وبالتالي تحويلهم إلى مرتزقة تعمل بالأجر اليومي , وبعد أن صار موقف التحالف من القضية الجنوبية ومن الجنوبيين ,قائما على تنفيذ كافة أهداف التحالف والطاعة العمياء له , مقابل قليل من الدعم لبعض الرموز المؤثرة في الجنوب , ودون أي ضمانات أو حتى حديث عن أي مستقبل للجنوب السياسي .
التيار الثاني (تيار الممانعة ) : وهذا تيار معاكس للأول تماما ونشأ في وقت متأخر بعض الشيء , بعد أن صارت مواقف التحالف وعداوته للقضية الجنوبية وبالتالي للأهداف الثورية الجنوبية و للقوى الحرة وغير الخاضعة له من الحراك الجنوبي والثورة الجنوبية , أكثر وضوحا و جرأة وشدة , و تهديد التحالف لكل من يخالفه من الجنوبيين بتهمة الولاء لإيران وتهمة التشيع , أو تهمة المليشيات المسلحة والإرهابية , وينال هذا التيار قبولا متزايدا في أوساط المقاومة الجنوبية و بين المثقفين وأساتذة الجامعة من ذوي النشاطات أو الانتماءات الحزبية , وهذا التيار ينظر للتحالف كامتداد لوضع الاحتلال للجنوب بل يصفه بأنه أكثر بشاعة , حيث أن دوله ذات نظام ملكي مطلق , ويستند في أطروحته على أن مظاهر الاحتلال وسيطرة الأغراب على القرار والمصير الجنوبي , لم تتغير , بل ازدادت سوءا وفحشا , لكنه لا يستند للقضية الجنوبية كمبدأ للقياس بقدر ما يستند على ردة فعل اتجاه تيار التكتكة و مواقف وارتباطات سابقة لهذا التيار مع أطراف لها خلافاتها مع دول التحالف وتوجهاتها ومشاريعها .
التيار الثالث ( تيار العقلنة أو التيار الحر) وهذا التيار يمثل التوجه الوطني الثوري الوحيد الصادق المعتدل الحكيم , الذي يستند على القضية الجنوبية ومبادئها وأهدافها كمقياس ثابت ينطلق منه, كما انه يمثل لجاما لتياري التكتكة وتيار الممانعة ويعمل كدور صمام أمان, وضابط للخلافات بين التيارين المختلفين , يتميز بعدم تبعيته لأي من الأطراف الإقليمية المؤثرة في المشهد الجنوبي , وبالتالي فهو يتمتع بمساحة حرية كبيرة في إبداء رأيه وتعريف المجتمع الجنوبي بحقيقة ما يجري من أحداث , ويستند في أطروحته على أن التعقيد الشديد الذي يعيشه اليمن عموما والجنوب خصوصا من الناحية السياسية , إضافة إلى حقيقة غياب أي بني سياسية جنوبية ثورية ذات اثر حقيقي , وغياب الإرادة الدولية اللازمة في هذا الاتجاه للقيام بأي تحول سياسي جنوبا , و يستلزم هذا التيار قبول الأطراف الجنوبية جميعا بسنة التنوع في الآراء , و وجوب توصيف الأمور على حقيقتها وتقديمها للرأي العام الجنوبي , لصناعة رأي عام جنوبي واعي بالقضية الجنوبية وحجمها , وما تواجهه من تحديات وعقوبات , بما يكفل استمرار الاتجاه الثوري الجنوبي وبقاءه حتى تحقيق الهدف الجنوبي , ويؤكد على أهمية التزام الجنوبيين بمبدأ التسامح والتصالح في إدارة خلافاتهم السياسية , يتفق هذا التيار مع تيار الممانعة في حقيقة عداء التحالف للقضية الجنوبية وتهميشها ومحاولة الانحراف بمسارها الثوري نحو تحقيق أهدافه العسكرية والأمنية , ولكنه يتعارض معه في مسألة تأجيج الخلاف الجنوبي مع تيار التكتكة باتجاه الصدام , وتوزيع صكوك الوطنية , كذلك يتفق هذا التيار مع تيار التكتكة في مسألة وجوب الاهتمام بالملف الخدماتي الجنوبي وإلزام التحالف بالقيام بمسؤولياته تجاه الجنوب والمواطن الجنوبي واحتياجاته , ولكنه يتعارض معه بشدة في مسألة الولاء التام والطاعة العمياء للتحالف .
التيار الرابع (التيار الصامت ) وهذا التيار كان يمثل أغلبية لا يستهان بها في البداية , ولكنه الآن بدأ في التراجع و الانحسار بدرجة كبيرة لصالح التيارات الأخرى الثلاث , وهو تيار يرتكز على القضية الجنوبية ولكنه سلبي في مسألة اتخاذ المواقف أو تحديدها , ويستند على فضيلة الصبر حتى تتضح الأمور جنوبا , ولكنه تيار كبير وسيكون له تأثيره دون شك حين تصل الأمور إلى المحك , يميل هذا التيار إلى التيار الحر دون التيارين الآخرين , وينظر له كنوع من القيادة الفكرية ولكن بتحفظ, وهو بطبيعته لا ينشط في الحياة السياسية بكثرة , ولا يقدم أراء بقدر ما يميل للإنصات لما يقدمه الآخرون ويعلق عليها , بعكس التيارات الثلاث الأخرى .
أما ما موقف المقاومة الجنوبية من الحوثيين ومن قطر ؟ وما هي الأسئلة الأخرى التي يجب أن نجيب عليها ؟
فسنتركها لقادم الأيام ...
فقد طال المقال ...
همسة في أذن كوادر وفتيان المقاومة الجنوبية : إذا كان يلزم أن تنسحبوا بذكاء وحنكة وحكمة من بعض الجبهات التي يقدمونكم فيها كضحية رخيصة الثمن ليعلموا مقامكم وقدر ضعفهم , وليسمعوا صوتكم , فما المانع ؟
د.بليغ اليزيدي
ليلة الجمعة
8 ديسمبر 2017 م