ادب وشعر

الأربعاء - 22 أغسطس 2018 - الساعة 05:03 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/وكالات

تصوروا أن حلاقًا مغمورًا يراسل الصحف والمجلات الأدبية بكتابات لفتت نظر الأوساط الأدبية في سوريا ولبنان حتى بات الجميع يتساءل من هو حنا مينه هذا؟.

إنه حلاق فقير في حي بمدينة اللاذقية السورية تمسك أصابعه المقص نهارًا والقلم في أوقات الفراغ.
كل ما فعلته في حياتي معروف، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرّست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف، وبدأت الكتابة في الأربعين من عمري، شرّعت قلمي لأجل الهدف ذاته، ولما أزل.

لا عتب ولا عتاب، ولست ذاكرهما، هنا، الا للضرورة، فقد اعتمدت عمري كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدي وحدها، وبمفردها، صفقت، واني لأشكر هذه اليد، ففي الشكر تدوم النعم.

لا حزن، لا بكاء، لا لباس أسود، لا للتعزيات، بأي شكل، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثم، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التآبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة الي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها.
تلك لمحة من بداية من تحول لاحقًا إلى أيقونة من أيقونات الأدب العربي بعد أن تفجرت موهبته الفطرية دون دراسة تذكر، فهو لم يتجاوز في تحصيله العلمي “السيرتيفيكا” (الشهادة الابتدائية).
يقول حنا مينه عن نفسه إن مواهبه تفجرت حين بدأ بكتابة”المكاتيب” (الرسائل) للجيران إلى جانب ما ورثه عن والده من قص الحكايا وجعل أصغر حادثة يومية قصة مثيرة.



عمل في بداياته في دمشق في جريدة “الإنشاء” بدون أجر ثم أصبح محررًا للصفحة الأدبية في جريدة”الرأي العام”.

ومن ثم توالت الروايات والأعمال الأدبية التي جعلت من حنا مينة أحد أشهر كتاب سوريا والعالم العربي.

كتب حنا مينة قبل سنوات وصيته المثيرة التي جاء فيها : “أنا حنا بن سليم حنا مينة، والدتي مريانا ميخائيل زكور، من مواليد اللاذقية العام ،1924 أكتب وصيتي وأنا بكامل قواي العقلية، وقد عمّرت طويلاً حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقيني أنه “لكل أجل كتاب””. لقد كنت سعيداً جداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذور للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء، وانتصرت عليه، وهذه نعمة الله، ومكافأة السماء، واني لمن الشاكرين.



عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يذاع خبر موتي في أية وسيلة إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطاً في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي، وليس لي أهل، لأن أهلي، جميعاً، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا عليّ عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية.