تحقيقات وحوارات

الجمعة - 31 أغسطس 2018 - الساعة 12:57 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/ باريس


لا وجود لأي نشاط مسرحي يمني فالحرب جعلت الحياه المعيشية صعبة وعم الغلاء والبلاء البلاد، هكذا يتحدث إلينا الصديق المخرج المسرحي اليمني محمد الرخم، ثم يستعرض حالة المسرح اليمني، فاذا كانت مدينة عدن ذات التاريخ الفني العريق لا يوجد بها قاعة واحدة تناسب أي عرض متواضع ولا يبدو وجود أي نية أو حماس لترميم قاعة قديمة أو مجرد التفكير بمشروع قاعة مسرحية جديدة فما يعرض من محاولات شبابية تكون بقاعة حفلات بعيدة جدا عن مواصفات الخشبة المسرحية.

أترككم مع ضيفنا لمعرفة بعض هموم الفنان اليمني الذي يعاني، يتألم ويموت في صمت.
محمد الرخم يستعد لعرض الجزء الثالث من مسرحية “التركة” وعرضت هذه المسرحية في ثمانينات القرن الماضي على خشبة المسرح الوطني وحققت نجاحاً كبيراً وهي للأستاذ سعيد عولقي مؤلف مسرحية “التركة” بجزئيها الأول والثاني والذي من جانبه أعطى الأذن “للرخم”لتأليف الجزء الثالث الذي سيكون عن الفترة مابين عام 1990ـ 2018م لمناقشة مستجدات اجتماعية وسياسية كالفساد وسرقة الأراضي والمتاجرة بالسلاح وغيرها في اطار كوميدي غنائي.

* كيف تصف المشهد المسرحي اليوم في ظل الظروف القاسية وغياب وزير الثقافة؟

ـ كلنا ندرك ان ماحصل من أحداث في وطننا العربي مايسمى بالربيع العربي لاشك ان له تأثيرات جمة على النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لكل الشعوب العربية التي مرت بظروف ومتغيرات ثورات الربيع العربي،وممالاشك فيه قد عكست نفسها على المجتمعات العربية كل حسب ظروف دولته ومجتمعنا اليمني اصيب بشلل نصفي من جراء الحرب التي دفعت بها تلك المتغيرات وانعكس ذلك علي حياتنا ومعيشتنا كمواطنين متضررين من تلك الحروب،لا أريد الخوض في هذا ومايهمنا في هذه العجاله انعكاسات هذه الظروف على المشهد الثقافي فقد عادت بنا هذه الحروب الى هوة سحيقه قلبت موازين الأمور وعادت بنا اعواماً طويلة الى الوراء، فلم نعد نسمع او نرى او نقراء سوى أخبار الحروب والجبهات المتناحره والمئات من الضحايا وصراعات الساسة للإستيلاء على السلطة في كل ربوع الوطن اليمني، اصبح المواطن يفتقد لكل متطلبات الحياة لاكهرباء ولاماء وانعدمت المواد الغذائية وانحدرت الحالة الصحية للمواطن وانتشرت الأمراض والأوبئة بين الناس وأصبحت الحالة لاتسر عدو ولاحبيب ،وهذا بالطبع عكس نفسه على كل مناحي الحياة بما فيها الثقافة والفنون فأنعدمت وسائل التواصل الإبداعية بين الناس وأنحصرت إهتماماتهم بالحياة المعيشية والغلاء الفاحش الذي عم البلاد ولم تعد الفرحة تجد طريقاً الى قلوبهم وساد الهم والاكتئاب على نفوس المواطن المغلوب على أمره.
كانت هناك بعض المحاولات الهزيلة للمسرح المرتجل لبعض من الشباب تتحدث عن ماخلفته الحرب الاهلية بعد خروج الحوثيين من عدن ،اما وزارة الثقافة لم تستطع ان تحرك ساكنا فدورها باهت وضعيف مبررين بذلك عدم وجود ميزانيات للوزارات والانشطة المختلفة ولم تقدم وزارة الثقافة مسرحية واحده طوال هذه السنوات وماقدمه الشباب او بعض المخرجين كانت بدعم اشخاص اوجهود ذاتية من الفنانين انفسهم، ورغم وجود صندوق للتراث والتنمية الثقافية الا ان دوره انحصر في دعم متواضع وبسيط للفنانين الذين يعانون من الامراض او حالات الوفاة للمبدعين ومساعدتهم بتكاليف الدفن والعزاء ومساعدات بسيطة للفنانين يخجل المرء من ذكرها.

* قيل أن الهيئة العربية للمسرح ستدعم مهرجاناً للمسرح في عدن في شهر نوفمبر..ما هي احتمالات قيام هذا المهرجان في ظل هذه الظروف وتردي الوضع الأمني في عدن وصعوبة وصول مشاركات من المحافظات الشمالية؟
ـ الوضع يتحسن تدريجيا الان وبعض الاعمال تظهر الى النور وهذه الاعمال في عدن تقام بمساهمات الشباب وبمبادرات شخصية من الفنانين دون اي دعم يذكر من وزارة الثقافة او صندوق التراث المزعوم لدعم الاعمال الابداعية.
يقال ان هناك إستعدادات لإقامة مهرجان مسرحي في عدن تتبناه الهيئة العربية للمسرح وقد قدمنا النصوص للمشاركة قبل شهرين ولكننا لم نستلم أي رد حتى الان بإقامة المهرجان من عدمه كما أُعلن عنه في نوفمبر القادم ونتمنى أن يصدقوا في وعدهم للفنانين المتعطشين للعمل المسرحي وتقديم أعمالهم بهذا المهرجان بعد ان حرمو لسنوات طويلة من إشباع هوياتهم ورغبتهم في تقديم الجديد للمسرح اليمني، اما بالنسبة للمشاركات الخارجية فقد توقفت منذ عام 2011 وحتى الان بسبب ظروف الحرب.

* بعد الوحدة اليمنية حدث دمج للمؤسسات الثقافية..كيف كانت العلاقة بين المسرحين من الشمال والجنوب؟ هل تتذكر أعمال مشتركة؟ ولماذا ظهر التذمر على فناني الجنوب بعد وقت قصير من الوحدة؟

ـ طبعا كلنا يدرك الاحتواء الذي حصل للمؤسسات الثقافية والابداعية بعدالوحدة 1990 ومركزية القرار في صنعاء مما عكس تذمر الكثير من الفنانين في الجنوب والمحافظات الاخرى ولم تكن هناك رغبة جادة للثقافة والابداعات الثقافية وكانت مجرد مكمل تحصيل حاصل واكبر دليل ان كل الاتحادات دمجت بين الشطرين واستمرت في ممارسة نشاطها ماعدا اتحاد الفنانين الوحيد الذي جمد وتوقف نشاطه واغلقت جميع دور السينما والمسارح الموجودة في عدن ومناطق الجنوب واهملت انشطة المبدعين وتقلص دورها تماما، وهذا ماخلق حالة تذمر من الوحدة من قبل الفنانين الجنوبيين لتجمد اعمالهم ونشاطهم المسرحي الا فيما ندر.

اما بالنسبة للعلاقة بين الفنانين كانت علاقة طيبه بين واخوية صادقة لكن التذمر من توجه السلطة وممارساتها اما علاقة الفنانين كانت رائعة والجميع سعيد باللحمة التي حصلت بين الشعب والجماهير اليمنية وحرية التنقل بين الشطرين كانت امنية تحققت واسعدت الناس.

*لو تعطينا فكرة عن فترة ازدهار المسرح اليمني وأسماء الرواد؟

ـ فترة ازدهار المسرح اليمني تقريبا كان في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات فكما تعرفون ان المسرح نشط في عدن منذ عام1910 حيث قدمت فرقة هندية الى عدن وقدمت عروضها وبعدها حمل المشعل الرواد الاوائل كالاستاذ محمد عبده دقمي وسعيد سالم اليافعي واسماعيل لامبو واحمد المنصب وقدمو اعمالاً باللغة العربية الفصحى واستمرت الاعمال وتوارثها الاجيال عاماً بعد عام في ثورات وتعثرات حتى أعلن الاستقلال في الستينات من المستعمر البريطاني وجلاء اخر جندي بريطاني من عدن، وقد ساهم المشهد المسرحي والدراما التلفزيونية في محاربة الظلم الذي مارسه الاستعمار على مناطق الجنوب وقدمت العديد من الاعمال ومن ابرزها اعمال فرقة المصافي اليمنية وابرز فنانيها محمد العمير وعلي صالح وناصر حسين والحاج عمر وعلي صالح مسيبلي والفنان القدير عبدالله صالح مسيبلي والفنان عمر الرخم واخيه الفنان علي الرخم الذين قامو بتشكل فرقة نادي الجنوب للتمثيل والفنون وقدمت العديد من الاعمال المسرحية والتلفزيونية وكانت بمنطقة الشيخ عثمان وفي كريتر فرقة المسرح الحديث ومن رجالها الفنان محمود اربد والاستاذ محمد مدي والفنان علي يافعي ومحمد عبدالمنان وصالح قردش، وبعدها جاءت فرقة المسرح الوطني التي تشكلت في السبعينات وقائدها المخرج فيصل علي عبدالله رحمه الله والاستاذ احمد الريدي والاستاذ عبدالله مسيبلي والمخرج علي الرخم وكادر الشباب في ذلك الوقت والذين واصلوا مسيرة العطاء الفنانين احمد عبدالله حسين، نرجس عباد، قاسم عمر ومحمد الرخم وذكرى احمد علي وجميل محفوظ و فؤاد هويدي والمخضرم الاستاذ علي يافعي حفظه الله وكثيرين من الكوادر الابداعية المسرحية اللذين يواصلون ابداعاتهم ومشاركاتهم رغم الظروف والمنكسرات التي تمر بها البلاد.
هذا طبعا ما اتذكره في عدن ناهيك عن الكثير من المبدعين في صنعاء وتعز والحديدة وحضرموت وأبين وجميع المناطق والمحافظات اليمنية ويمكنك الرجوع لكتاب سبعون عاماً من المسرح اليمني للاستاذ سعيد عولقي بالنسبه للمناطق الجنوبيه وكتاب المسرح اليمني للاستاذ حسين الاسمر بالنسبة للمناطق الشمالية وهؤلاء اهم المراجع للمسرح اليمني.

*الان يشهد الجنوب نزعة استقلالية هل يترجم المشهد الثقافي والمسرح هذه الحالة العامة؟

ـ لا بالعكس نحن مع التوجه الوحدوي توجه الشرعية ممثلة بالرئيس الشرعي/ عبدربه منصور هادي بعيداً عن النزعة الانفصالية مع الأقاليم واستقلاليتها بعيداً عن المركزية في القرار، مع توحد الارض والانسان فبالوحدة نكون اقوياء دون الوصاية على أحد ونقبل بالرآي والرآي الاخر فالآخر من دمنا ولحمنا أخوة مهما فرقتنا السلطات.

*نقطة مهمة عن الفنانات المسرحيات اليمنيات..لو تحكي عن الممثلة اليمنية وخصوصاً العدنية التي كانت من أوائل الفنانات بالجزيرة العربية، ما مدى وعي وابداع الممثلة اليمنية وهل نراجع دورها الان؟

ـ كانت نظرة المجتمع العدني للفن والفنانين راقية بحكم تطور المجتمع آنذاك وحبهم للفن كونه مجتمع مدني يحب الفن ويتابع الانشطة الفنية والتمثيليات التلفزيونية لان التلفزيون في عدن بداية البث في عام 1964ايام الاستعمار البريطاني وكان من اوائل الدول العربية بعد مصر ولبنان وكان المجتمع العدني شغوفاً لمتابعة الاعمال الفنية دراما ومسرح واغاني والفنانين العدنيين كانوا محبوبين من العامة وهذا عكس احترام الفن في المجتمع والمسرح ايضاً كان له دور كبير وكانت الفتيات يتهافتن على المشاركة في الاعمال المسرحية والدرامية التلفزيونية وبرزت الكثير من المبدعات العدنيات في مجال الاذاعة والتلفزيون والمسرح وكان يتم إختيارهم من المدارس الثانوية ومتمكنات من اللغة وكانت مشاركتهم تشعرك بالفخر والإعتزاز والمجتمع ينظر لهن باحترام وتقدير كممثلات ومذيعات وصحفيات حيث كانت الفتاة العدنية تتمتع بثقافة عالية من خلال الدراسة والقراءة والاطلاع على كل جديد من المجلات والصحف المنتشرة المحلية والعربية في تلك الفترة واذكر على سبيل المثال الفنانات المسرحيات مثل هدى صالح وعديله ابراهيم ونور الهدى احمد وصباح السيد والكثير من المبدعات المسرحيات والفنانات المطربات..وجاء بعدهن جيل نرجس عباد وذكرى احمد علي ومحاسن سعيد ومديحه الحيدري وسحرالاصبحي في صنعاء أيضاً واغلبهن عملنا معهن وقدمنا العديد من المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية وكان الجمهور يحترمهن جداً والان ظهرت كثير من الوجوه ولكنهن اقل امكانيه من الممثلات القديمات واقل ثقافة واطلاع .
تلفزيون عدن كان ثالث تلفزيون بالوطن العربي بعد مصر ولبنان.. وأول تلفزيون في شبه الجزيره العربية ومن هنا تتضح لكم صورة عدن كمدينة فنية حضارية.

*تشهد الأغنية اليمنية شهرة واسعة ويظل الحراك الغنائي اليمني حاضر وبقوة.. برأيك لماذا لم يظهر ويزدهر المسرح الغنائي والاستعراضي ليواكب المشهد الغنائي ؟

ـ استاذي الحبيب المسرح عمل جماعي جروب متكامل كل يكمل الاخر كما تدركون عكس المجالات الاخرى وهو بحاجه الى المال للانتاج وتقديمه بشكل مشرف، والمسرح الغنائي ليس من السهل الكتابة له ويحتاج الى تكاليف باهضة لانتاج مثل هكذا اعمال والى مجاميع كبيره لتنفيذه وجهود لانستطيع في الظروف التي نعيشها العمل بها، فالأمان والاستقرار من اهم العوامل الاساسية للابداع لمثل هكذا اعمال ونحن نفتقد لها الان وايضا اماكن العرض معدومه في مدينة عدن.

سمعنا عن عودة نشاط معهد غانم للفنون ما مدة صحة هذا؟ ولماذا ظل تهميش الدور الأكاديمي المسرحي؟

ـ الحقيقه هناك اسباب كثيرة لتهميش معهد الفنون ومنها الخطوات التي تمت بعد الوحدة لتحجيم نشاط المعهد وقد ساعدت الادارات المتعاقبه على ذلك والظروف التي مرت بها البلاد، ولكن هذه الايام تم تكليف مدير عام جديد من اساتذة المعهد وهو فنان ورسام ناضج وحريص على تطور المعهد، ورغم الامكانيات الشحيحة والظروف التي نمر بها قد بدأت تظهر نتائج هذه الجهود التي يبذلها الاستاذ فؤاد، والاقبال الشديد للطلبة الدارسين لصنوف الفن بالمعهد واقسامه المتعددة نتيجة للدعاية والرعاية الطيبة للطلاب ولجان القبول نتمنى لهم التوفيق والنجاح الدائم.

* ينتعش النقاش عن ميلاد الرابطة العربية للمسرح ..نود أن نعرف رأيك كعضوء ما الدور المهم لهذا الكيان وتفاصيل أكثر عن المشروع؟

ـ نتمنى من الدول الصديقة والشقيقة ان يدعمونا ببناء مسرح في محافظة عدن لتقديم الاعمال علية وكذلك استقبال الفرق الفنية مستقبلاً لقديم عروضها ليكون هناك فرصة للشباب لايجاد حراك مسرحي والتزود بخبرات الاخرين من رجالات المسرح العربي.
وهذا مانآمله كفنانين مسرحيين في اليمن خاصة و الوطن العربي عامة في بادرة الاستاذ القدير المخرج التونسي المبدع نوار الضويوي بتأسيس الرابطة العربية للمسرح العربي في تونس الحبيبة ان تساهم في انتشال الركود المنتشر في بعض الدول العربية لمسرحنا العربي وخلق فرص للتعارف والتعاون وتبادل الخبرات والأراء بين الفنانين المسرحيين العرب والتي توجد هوة كبيرة بينهم وعدم التقاءهم وتبادل الراي لاثراء المشهد الثقافي العربي بحركة مسرحية متطورة وديمومة لعروضنا المسرحية العربية والتنقل بها بين الدول العربية للاستفادة من تجارب الاخوة فيما بينهم لخلق الالفة والمحبة في وطننا العربي الواحد.

حميد عقبي