تحقيقات وحوارات

الأربعاء - 31 أكتوبر 2018 - الساعة 12:18 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت / متابعات .

رأت العديد من الصحف والمجلات الدولية المرموقة أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استغل قضية الصحفي جمال خاشقجي من أجل تحقيق أقصى استفادة سياسية – اقتصادية، من خلال تحويل الجريمة الجنائية إلى مسألة سياسية بحتة، بدعم مكثف من وسائل الإعلام المتعاطفة.

ومن الملاحظ أن غالبية الصحافة الأجنبية نقمت مؤخرًا على الرئيس التركي إزاء سياسته “غير النزيهة” في التعامل مع قضية خاشقجي، “وتجييرها بشكل صارخ من أجل ترجيح كفة تركيا في سباق على قيادة العالم الإسلامي”.

في 29 أكتوبر/تشرين الأول، علقت صحيفة “ بوليتيكو” الأمريكية الشهيرة على الأمر بتقرير معمق تحت عنوان “إستراتيجية إردوغان الخطيرة تجاه السعودية”، قالت فيه إن “سياسة إردوغان في تسييس قضية خاشقجي، بغرض ممارسة الضغوط على المملكة، ستؤدي حتمًا إلى نتائج عكسية”.

وقال الخبير الأمريكي “زيا ويسي” للصحيفة إن “الرئيس إردوغان أراد من خلال سياسة تسريب المعلومات المروعة أن يحول التحقيق القضائي في قضية خاشقجي إلى مقامرة جيوسياسية محفوفة بالمخاطر”. وأضاف أن “الرئيس إردوغان استغل هذه الحادثة من أجل توجيه ضربة سياسية للنفوذ السعودي القوي في المنطقة، ما يزيد من فرص جعل تركيا القوة السنية الرائدة في الشرق الأوسط”. وأكد “ويسي” أن “إردوغان يعي تمامًا مخاطر هذا التوجه، ليس مع القيادة السعودية فحسب، بل مع حلفائها أيضًا”.

وأكملت بوليتيكو بالقول إن “مكتب إردوغان يسيطر على مؤسسات الدولة الإعلامية والأمنية بشكل مباشر، وبالتالي فإن الرئيس هو شخصيًا من أمر بإحداث تسريبات تفصيلية حول التحقيق، غالبيتها عارية عن الصحة، تحت مسمى مصادر تركية مجهولة، بغرض تعبئة الإعلام الدولي ضد الرياض”.

وقد أجرت الصحيفة الأمريكية مقابلة مع مدير الدراسات التركية في معهد “ميدل إيست إنستيتيوت” الأمريكي، غونول تول، فقال لها إن “إستراتيجية إردوغان باتت مكشوفة لدى الخبراء والصحفيين ووسائل الإعلام؛ فهي تقوم على محاولة تقويض الأمير محمد بن سلمان عبر تسريب معلومات زائفة من جهة، والتحدث بكلمات دبلوماسية إيجابية للحفاظ على علاقات أنقرة – الرياض من جهة أخرى”، في إشارة واضحة إلى أن المستهدف الرئيس بالنسبة لتركيا هو شخص ولي العهد السعودي. وقد تجلى هذا التوجه التركي مؤخرًا، بحسب الصحيفة، بعد أن كررت وسائل الإعلام التركية، وكذلك الرئيس إردوغان، المطالبة بما أسموه “الكشف عمن أمر بقتل خاشقجي”، برغم وضوح نتائج التحقيقات السعودية، والهدف من ذلك هو “بناء انطباع لدى الإعلام الدولي بأن من أمر بقتل خاشقجي هو الأمير ابن سلمان”، وهذا هو “جوهر إستراتيجية إردوغان”.

وأشارت الصحيفة الأمريكية كذلك إلى أن “إردوغان حول قضية خاشقجي إلى ورقة سياسية من أجل استخدامها في تنافس إقليمي على النفوذ، بما يصب في صالح تركيا – قطر – إيران”. وأردفت الصحيفة بالقول إن “من يتابع الأحداث عن كثب سيدرك جيدًا أن هدف إردوغان هو إزاحة الأمير ابن سلمان من قيادة المملكة، لكن ذلك لن يحدث مطلقًا”. وبحسب المحلل السياسي “أسلي أيدينباتش”، فإن السياسة التركية في تعاملها مع قضية خاشقجي ستعطي نتائج عكسية، في ظل اقتصادها المتردي”.

كما أجرت الصحيفة مقابلة مع الباحث الزائر في جامعة أكسفورد، غلاب دلاي، صديق خاشقجي، قال لها إن “تركيا تحاول جعل قضية خاشقجي دولية لأنها تريد أن تشكل لوبي غربيًا ضاغطًا يعمل على إزاحة ولي العهد السعودي من منصبه، بصرف النظر عن حقيقة نتائج التحقيقات”. وحذر “دلاي” من أن “نوايا تركيا ستكون موضع تساؤل قريبًا، لأن سياسة إردوغان حولت القضية من مقتل صحفي إلى مشاحنات جيوسياسية”.

علاوة على ذلك، نقلت الصحيفة الأمريكية قول الأكاديمي في جامعة أكسفورد، عضو البرلمان التركي السابق عن حزب العدالة والتنمية في عام 2012، سوات كينيكليوغلو (Suat Kınıklıoğlu) إنه “من المرجح أن تواصل أنقرة تسريب تفاصيل التجريم، وهي تدرك مخاطر هذه السياسة، إلا أن مصير ابن سلمان يتحدد في السعودية وليس في أنقرة”.

وأخيرًا، قال الباحث في مجلس العلاقات الأوروبية، أيدنتنباس، إن “تركيا لن تستطيع تحقيق ما ترنو إليه سياسيًا في قضية خاشقجي، وسيتعين على إردوغان التعايش مع عواقب سياسته التدميرية من قبل الأمير ابن سلمان”.

وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، أفردت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية تقريرًا تحت عنوان “إردوغان يحوّل قضية خاشقجي من أجل مصالح سياسية تركية”، قالت فيه إن “الأتراك استغلوا قضية خاشقجي من أجل ترجيح كفة أنقرة في سباق قوى إقليمية”. وقال الكاتب البريطاني، أندرو إنجلاند، إن “الرئيس إردوغان أظهر انتهازية فظيعة من خلال تجيير قضية خاشقجي في سباق سياسي إقليمي”.

وأجرت الصحيفة البريطانية مقابلة مع الخبير في مركز أبحاث “واشنطن إنستيتوت” للدراسات السياسية، سونر كاغباتي، فقال لها إن “الرئيس التركي رأى في قضية خاشقجي فرصة لتعزيز تحالف سياسي ثلاثي الأطراف، يجمع تركيا وقطر وإيران، ضد المملكة العربية السعودية”. ورأى كاغابتي أن “المسؤولين الأتراك لم يكشفوا سرًا بأن إردوغان يرغب بتسييس قضية خاشقجي، لإقناع القوى الغربية أن القيادة السعودية هي المشكلة في الشرق الأوسط”.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن ما يحصل في تركيا أشبه بـ”ابتزاز ترعاه دولة”، إذ أن “الإعلاميين والسياسيين الأتراك باتوا يدعون علنًا إلى حصد مكاسب سياسية واقتصادية من وراء قضية خاشقجي”. واستشهدت الصحيفة بتصريحات أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول، أحمد قاسم هان، الذي قال: “يمكننا تحقيق الكثير من المكاسب، إلى جانب توجيه ضربة سياسية للسعودية، من بينها الحصول على أموال ضخمة من المملكة، وتحقيق إعفاءات من واشنطن بخصوص العقوبات على إيران، وكذلك تطبيع العلاقات مع الدول الحليفة مع السعودية، إلا أن إزالة محمد بن سلمان من منصبه هو الخيار التركي الأمثل”.

من جانبها، تساءلت مجلة “ ذي كونفرزيشن” الأسترالية في 22 أكتوبر/تشرين الأول حول “سياسة تركيا المشينة في التعامل مع قضية الصحفي السعودي”، من خلال تقرير حمل عنوان “ما هي المكاسب السياسية التي يسعى إردوغان إلى تحقيقها من خلال قضية خاشقجي؟”. وقالت إن “النظام التركي يرى في القضية محفزًا سياسيًا وذخيرة دبلوماسية ضرورية للمنافسة على قيادة العالم الإسلامي، ضد بلد يستضيف مكة المكرمة والمدينة المنورة وأقدس المقدسات الإسلامية”.

وقال للمجلة الأسترالية، المحلل السياسي الأسترالي في جامعة كنغستون البريطانية، نيكولاي غنديرسين، إن “الرئيس إردوغان هرع للاجتماع مع الزعماء الدينيين في محاولة لتعزيز شرعيته الدينية، بالتزامن مع تسريبات معلومات عارية عن الصحة حول مقتل خاشقجي، بل ونقلت وكالات أنباء تركية قول الرئيس إن تركيا هي البلد الوحيد القادر على قيادة العالم الإسلامي”، وفي هذا إشارة واضحة إلى توجه الرئيس التركي باستغلال قضية الصحفي السعودي. وأضاف غنديرسن أن “إردوغان يحاول إحياء مفهوم العظمة العثمانية الإسلامية بتوظيف قضية خاشقجي على حساب الأرض المقدسة، حاضنة المقدسات الإسلامية الأولى – السعودية”. وأشار الكاتب الأسترالي إلى إن “إردوغان نجح فعلًا في توجيه الصحافة الدولية لانتقاد الرياض بغضب، إلا أن سياسة إردوغان باتت تتكشف شيئًا فشيئًا”.


وأضافت المجلة الأسترالية أن “إردوغان يستخدم قضية خاشقجي لكسب علاقات أوسع مع الولايات المتحدة، والدفع بمصالح تركيا الإقليمية؛ فنحن نراه اليوم يتحرك بسرعة لتحقيق أقصى مكاسب سياسية؛ فاجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، وقدم له مطالب تركيا بشأن سوريا، التي تشمل تخلي حزب العمال الكردستاني عن منطقة منبج السورية”. وحسب مصادر، فإن الرئيس إردوغان عرض مطالب سياسية أخرى خلال حديثه على الهاتف مع الرئيس ترامب في 22 أكتوبر/تشرين الأول.

أما مجلة “ فورين أفيرز” الأمريكية الشهيرة، فنشرت تقريرًا في 26 أكتوبر/تشرين الأول تحت عنوان “لعبة إردوغان في قضية خاشقجي محفوفة بالمخاطر”. وقالت إن “إردوغان وجد القضية كهبة من السماء، ليستطيع من خلالها تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية جمة، في ظل الأزمة المالية والعزلة السياسية التي يمر بها النظام التركي الحاكم”.

وأضافت المجلة الأمريكية “أن تركيا هي أخطر دولة على وجه الأرض في اعتقال وتعذيب الصحفيين، فوجد رئيسها في قضية خاشقجي فرصةً لتبييض سمعة البلاد إزاء انتهاكات حقوق الإنسان”. وبحسب المجلة، فإن “إردوغان يلعب لعبة خطيرة، تنطوي على التنافس على السيادة الدينية والسياسية في العالم الإسلامي السني، لكن اللعبة قد تنفجر في وجه الرئيس التركي في أي وقت”.

وعلى المنوال ذاته، رأت مجلة “نيو إيسترن أوتلوك” الأوروبية أن “ الإستراتيجية التركية أظهرت أن الرئاسة التركية تلعب بقضية خاشقجي من أجل تهميش السعودية إقليميًا ودوليًا من خلال وسائل الإعلام من جهة، والدفع بمصالح تركية إقليمية من جهة أخرى”. وقال الكاتب الباكستاني “سلمان رافي” إن “سياسة تسريب المعلومات الممنهجة لا تهدف إلا إلى تشويه صورة ولي العهد السعودي، في ظل تكثيف إعلامي مضلل”. وأضاف أن “قضية خاشقجي أصبحت في يد إردوغان كورقة سياسية، يناور فيها من أجل دعم حلفائه في الخارطة الجيوسياسية – القطريين والإيرانيين، وكذلك الإخوان المسلمين في مصر”.

وفي الاتجاه ذاته، قالت مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات” الأمريكية إن “إردوغان يتطلع إلى تعظيم المكافئات الدبلوماسية والمالية من خلال قضية خاشقجي، بصرف النظر عن حقيقة تفاصيل القضية”. وقال الخبير السياسي إيكان إيردمير إن “المسؤولين الأتراك قاموا بتغذية الإعلام الدولي بتسريبات ملفقة إلى جانب معلومات حقيقية، ما خلق جوًا مشوشًا ومشحونًا وعاطفيًا بشكل متعمد”. وأضاف إيردمير أن “السعي وراء أجندة سياسية ومالية دفع سجّان الصحفيين –إردوغان– إلى تدويل قضية خاشقجي”.

وأخيرًا، تحدثت منافذ إعلامية دولية أخرى عما وصفته “تسييس قضية خاشقجي من قبل الرئيس التركي”، أهمها مجلة “مودرن دبلوماسي” الأوروبية، التي عنونت بـ”أهداف إردوغان المتعددة”، ومركز أبحاث “ميدل إيست إنستيتيوت” الأمريكي، ومجلة “يوراسيا ريفيو” الأوروبية، وكذلك صحيفة “ جروزلم بوست” التي عنونت بـ”طموحات سياسة تركية – قطرية من خلال قضية خاشقجي”.