ادب وشعر

الثلاثاء - 13 نوفمبر 2018 - الساعة 11:59 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث/ مريم الحسن - السعودية

أيتها الحبيبة التي سكنت قلبي منذ كنا نعد الحصى، وندفن نفسينا بين حبات الرمل ، في ذلك الزقاق الذي عشنا فيه طفولتنا ، وسنوات عمرنا الاولى ، بضحكة الطفولة ، ونظرات البراءة بضفيرتيك الطويلتين، وعينيك الكحيلتين، بأناملك الناعمة التي طالما تمسكت بي ؛ حين الخوف والجزع .. وأنا أشد بيدي عليها وأشعر بتلك الرطوبة الندية ، أقاتل لكي أحميك من السوء ، حبي لك الذي تكون جنينا وتربى بيننا وكبر معنا عبر السنين ، دمعاتي التي تقاطرت على وجنتي يوم منعوك من رؤيتي ، وقالوا لك كبرت يا فتاة ، وهو أصبح شابا يافعا.. لطالما استرقت النظرات اليك في زوايا منزلنا .. أو منزلكم عندما أختلق أي سبب لأدخل حيث أنتم ، وأذوب حبا وعشقا برغم إني لا أرى منك أي تفاصيل سوى صفحة وجهك الطفولية التي ارتسمت في مخيلتي لا أنساها أمد الدهر ، كلما اشتد شوقي اليك والتهبت مشاعري بذلك الحب الحارق أدنو من باب منزلكم ، ارسم صورتك بنظراتي على درفتيه، احكي معك ، أسامرك .. أقبل وجنتيك ..
أنت سويداء قلبي، وعشقي الذي كبلني في سنين عمري .. أحبك من كل قلبي ، و أعاهدك أن أبقى على العهد لا أنساك.
ويفاجئني القدر فيك ببلاء أبلى قلبي قبل قلبك، حينما أخبروني أنك مصابة بمرض القلب المميت في أي لحظة ، قتلوني .. قطعوا أملي وأماتوا فرحتي وقتلوا ابتسامتي ..
- كيف يهنأ لي عيش وحبيبة القلب مريضة ..!
رباه أغثها وأغثني بها .. !
صرت بعدها أتعارك مع الزمن، الأيام والسنين تجري كنهر في مصب ، وأنا اسابقها كي لا تسبقني إليك وتخطفك مني ..
تنقلت في حياتي من نجاح الى نجاح ، ومن الأماني حققت الكثير .. شهادتي المبتغاة ، وظيفتي التي أحلم بها .. بيتي الخاص الذي طالما حلمت فيه معك .. كنت استرق السمع كلما جاءت سيرتك؛ لعلي أحظى بما يطمئن ذلك القلب الذي يختلج بمسماك ، يعتلج قلبي ألما كلما داهمتك نوبة قلبية.. ولا يهدأ إلا باستقرار حالتك .. فأجتهد في مشواري وأكد وأسعى لكي ألحق بك قبل أن يسرقك الزمن مني .. لطالما وبخت الساعة على جريانها من عمرك وصحتك يا حبيبة القلب والروح .. كنت أريدها أن تبقي لي منك لو سويعات أعيشها معك تحت سقف واحد .. كنت أحلم لو بطفل واحد أربيه من رائحتك يا عزيزة الروح والقلب .
إلى أن حان وقت تحقيق الحلم ، وطلبت من أهلي التقدم لك ، وقلبي يكاد يتوقف جذلا ، لا أكاد أصدق إني سأضم كفيك بكفي بعد هذا الانتظار المضني ، سأضمك إلى كنفي ، أحميك من أي ألم ومن أي وجع .. وأحتويك وأنت تصارعين المرض وهموم الحياة .. بداية رفضت والدتي الحنون بسبب مرضك الذي قد يرهقنا ، طلبت مني التفكير مليا لئلا أعود إليها نادما..
- عجبا منك يا أماه .. أو تظنين أني قد أتعذر يوما من سكنت قصور قلبي وروحي لو تعلمين ماذا تملك مني هذه الفتاة ، لم تبقي من قلبي لأحد لو جزءا ضئيلا ..
خطفته مني ، وأصبحت أنا هي وهي أنا ..
بعد اقناع والدتي وعدتها بأني لن اعود اليها نادما يوما ما ، وافقت وطلبتك لي يومها حلقت مع الطيور بين الغيوم فرحا .. كانت أجمل اللحظات حين وصلني خبر موافقتك على الارتباط بي .. وأنت تعلمين أني متيم بك ..
أرى في قلبي سيرتك الطويلة المناهظة .. أنت ستربين أطفالي معي ، بصيرتي ترسم أمام عيني جدول أيامك ، وساعاتك ، وثوانيك .. اقرأه كل يوم وأحفظه عن ظهر قلب .. وأرسم إضافات عليه مما أحب وأرضى، وأتمنى .. ما قتلني وأسقم قلبي هو يوم رقدت على سرير المرض عندما أنجبت طفلينا التوأم ، ودخلت في غيبوبة ، كدت تفقدين الحياة ، وكدت أنا أن أفقد عقلي ، ليتني أعطيك عمري وتبقين أنت على قيد الحياة .. صليت لله ابتهالا كثيرا لكي تعيشي لي ولأطفالي أخبرته كم أحتاجك وهو الأعلم مني بذلك..
سررت يوم حملت طفلي على يديك وقبلتيهما ، واحتويتيهما الى قلبك ..
وعدت للحياة من جديد..
سرقني الفرح بعودتك للمنزل ياحبية الروح ، وأم طفلي ، اسعدي بهما ودعيهما يسعدان بك مدى الدهر.
أطبقت رسالته التي وجدتها بين أوراقه ، وحاجياته التي احتفظت بها للذكرى..
بعد ذلك الحادث الأليم الذي خطفه من الحياة ، وكاد أن يخطفها حزنا عليه..
ضمت طفليها باكية ..
- وهبتني عمرك يا حبيب الروح ، وصورتك في قلبي لا تموت.