ادب وشعر

الإثنين - 21 يناير 2019 - الساعة 05:24 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث/ خاص:


أكمل الأمام الصلاة ، لم أكمل التسبيح
حاولت ، مسرعا الخروج من المسجد
لم أجد الحذاء ، فبدأت مسلسل
البحث عنهما ، بعد وقت غير طويل
وجدتُ ضالتي ، حذاء هنا ، وآخر
هناك ، لعل ايادي طائشة حاولت
العبث بهما .. .
عند بوابة الجامع الخارجية أستوقفني
شاباّ ملثّم خرج لتّو معي من الجامع
ثم قال :
أنت عمر القيفي ؟ ، قلتُ نعم
مد يده ليصافحني ، ثم أخرج ورقةّ
ودسها في جيب قميصي قائلا :
اقرأها عندما تصل المحل ..
من ثمَّ ، رد على محتواها برسالة لي
على الوتساب ، فرقمي موجودا فيها
ومن ثمُّ ذهب سريعا ، دون أن اتعرّف عنه ..
كان خطابه لطيفا ً وأسلوبه هادئا ،
وكان مؤدبا في حديثه ...
أكملتُ طريقي مسرعا ،حتى وصلت
محل عملي ، بكل شغف وسرور أخرجت
الورقة ، فتحتها ، لأقرأ ما كُتب فيها ..
كانت رسالةً طويلة وشيَّقة كتبَ
فيها قصته العجيبة وحالة أسرته
المحزنة ، وبالذات في شهر رمضان
الكريم ، قائلا :
( أخي العزيز سأكتب إليك قصتي
وحالة اسرتي التي أعولها في هذا
الشهر الكريم ، وبي أملا ً أن تصل
حالتنا المزرية إلى قلوب أهل الخير
نعم أخي ماذا أصف من حالة أسرة لها
ثلاثة ليالٍ من ليالي شهر رمضان
الكريم ، وهم لا يجدون ، ما يتسحرون
غير بقايا ما يحتفضون به من فتات
الفطور الذي يجود به بعض من
الجيران علينا ، وجلّهم لا يعلمون ما
وصلنا لها من حالة فقرٍ مدقع وعوز ..
واصل سرد قصته المحزنة قائلاً :
أخي نحن أيتام إستشهد والدنا
في هذه الحرب المشؤمة ، في
إحدى جبهات الضالع ، تاركا ورائه
أسرة كبيرة ،. قوامها ستة من
للأولاد ، وثلاث من البنات ، أنا
أكبرهم ،. عمري لم يتجاوز العشرين
ولم أجد أي عمل بعد ، كي أعيل
هؤلاء الايتام .....
ما زلتُ أقرأ قصته المحزنة والدمع
ينزل من عيوني ، بل يكاد يبلل تلك
الورقة من غزارته ...
لم أتوقف عن القراءة بل زاد بي
نهمي لأكمل قصته التي جعلة
الحزن يعشعش على جوامع قلبي و
الأسى يسكن خلجات نفسي
قائلاً، هل وصلت حالت الناس
في محافظة الضالع بالذات إلى
هذه الحال ونحن لا نعلم
ذلك ....
وصلتُ إلى قوله هل يا أخي الكريم
ستصل رسالتي إلى من يرق لحالنا
ويفك ضائقتنا ، لعل أفئدة و قلوب
بعض الرحماء تدق باب بيتنا حاملة
معها ما تجود به تلك النفوس علينا
لعلي أرى البسمة تطرق وجوه إخواني
والضحكة تعاود شفاههم بعد أن سلبها
الحزن منهم ، عند فقدان والدنا رحمة
الله تغشاه وجعل الجنة مثواه ..
أخي تخيل أن هؤلاء الفتية أبناءك
وأنت لم تستطع، توفير قوت يومهم.)
كانت كلمات رسالته ، قد قطَّعت
نياط قلبي، بل أشعلت نارا في
خلجات نفسي ، وتركت جذوة
من جمر الحزن وسط ظلوعي
أخذت منديل ( فاين ) ، لعلي أضعه
على عيناي كي أجفف سيل دموعها
ومن غير شعور سقطة الورقة من يدي ..
يدخل أحد الزبائن فيستغرب لحالتي
ثم يسأل , ما بكَ يا قيفي ، لماذا تبكي
هل حدث لك شيء ؟!
نهضت من مكاني ، تضاهرتّ بالإبتسامة
ثم قلتُ : لا لا لم يحدث لي شيء
مجرد تحسس ، يصيب عيناي
حينما أقرأ في الجوال والاضاءة
مرتفعة ، فتدمع عيناي ...
بعد خروج الزبون عدتُ بلهفة لإكمال
ما تبقى من سطور االقصة
كانت السطور الأخيرة والتي
قال فيها :
اعذرني أخي الكريم لأني أقحمتك
في مشكلتي ، وجعلتك تتألم لحالتي
دون أن أخبرك ، حتى اسمي واسم
والدي ، وكل ذلك خشية معرفة
الناس بي ، وتعيير البعض لي بالسؤال
والشحت ، لكن هنا سأضع لهم
رقمي كي يتصلون عليه ..)
أخذتُ أعبث بالورقة أقلَّب صفحاتها
لعلّي أجد رقما أو دليل يوصلني
إليه ، غير ُ رقما لا يعمل
وليس في الخدمة بعد ..

بقلم عمر القيفي