تحقيقات وحوارات

الأربعاء - 10 أبريل 2019 - الساعة 01:40 ص بتوقيت اليمن ،،،

تقرير/سامية المنصوري


انتشرت ظاهرة التسول في الآونة الاخيره بشكل كبير دون حسيب أو رقيب مما جعل المواطنين يشعرون بقلق حيال ذلك.

وينتشروا بارصفة الشوارع العشرات من المتسولين يمثلون جميع المراحل العمرية من أطفال ونساء وشباب وشيوخ، يقومون بالاستجداء طلبا للمساعدة وآخرين يقومون ببيع المناديل الورقية او مسح زجاج المركبات

وفي الظاهرة باتت مقلقة للسائقين وجود أشخاص ببيع الخضار والفواكة، إضافة إلى اغلاقهم وتضيقهم للطرق، الأمر الذي قد يسبب حوادث سير او حوادث دهس وخصوصا انهم  يقومون بالسير ما بين المركبات.

رغم تحرر بعض المحافظات من الحرب الا ان سكانها مازالوا يعاني من الفقر مما جعلهم يضطرون للخروج هم واطفالهم للتسول او البيع بين أرصفة الشوارع باحثين عن لقمة العيش.

وتتكاثر ظاهرة التسول بشكل كبير ويزداد عدد المتسولين بين الأرصفة بسبب اتساع رصيف البطالة وانعدام مصادر الدخل جراء الحروب والنازحيين فاقم من توسعاها وباتت الشوارع تستقبل متسولين جدد بشكل يومي.

ويشكو مواطنين وسائقون من تفاقم المشكلة خلال السنتين الماضيين، دون وجود أي رادع من قبل الجهات المعنية لإنهاء او تخفيف الظاهرة، التي بدأت تزداد يوما بعد يوم في ظل غياب دور الحكومة والمنظمات من التدخل في حل هذه الظاهرة.

ولا تقتصر ظاهرة التسول على شريحة المسنين الذين يمكن أن يتعاطف الناس معهم، فالأطفال والنساء انضموا إلى طابور كبير من المتسولين تمتلئ بهم شوارع العاصمة عدن وغيرها من المحافظات منذ ساعات الصباح الأولى، وحتى وقت متأخر من الليل.

*اشكال التسول*
-التسول المربوط بالمناسبات الدينية أو الاجتماعية كالأعياد أو دخول شهر الصيام ويسمى هذا النوع بالموسمي.
-التسول المقنع وهدفه تقديم خدمة بسيطة للآخرين مثل بيع العلكة أو مسح السيارات.
-التسول الدائم وهو التسول الذي لا يرتبط بتقديم أي خدمة ولا بأي مناسبة وإنما يكون عملًا دائمًا ويوميًا.
يلجأ العاجزون إلى التسول لعدم وجود بيت أو وظيفة تغنيه ويكون هذا النوع اضطراريًا.
-طلب المال بشكلٍ مباشر ويسمى بالتسول الواضح.
-استخدام الأطفال والرضع في عملية التسول وخاصةً بأنها فئة يتعاطف الجميع معها.
التسول باستخدام وثائق كفواتير الكهرباء والماء ووصفات العلاج والأدوية.
*أسباب التسول*

وحسب الدراسات اتضح أن هناك عدة أسباب لانتشار التسول منها:
-سوء تربية الأطفال تلعب دورا مهاً في المستقبل وخاصة إن اعتاد الطفل على طلب المساعدة من الآخرين حتى في الحالات البسيطة فإنه يرث تلك العادة عند كبره.
-انتشار الفقر والجوع في المجتمعات وتعتبر من أهم الأسباب.
-التكاسل وعدم بذل أي مجهود للحصول على المال فقد يلجأ الشخص إلى المشي في الطرقات والاستجداء أو الاعتماد على ما تقدمه الجمعيات الخيرية.
-ضعف الاتكال على الله والإيمان بأن الله موزع الأرزاق.
-يقوم بعض المضطربين عقليًا بعملية التسول دون وعي كما قد يقوم بعض الأطفال الذين فقدوا ذويهم بتلك العادة.
-انتشار البطالة وغلاء المستوى المعيشي وقيام طبقة الأغنياء بعملية استعراض الثروات مما يدفع بالأشخاص لممارسة التسول لمجاراة النمط المعيشي عند الأغنياء.
-انتشار المخدرات وادمانها تجعل المدمن يقوم بالتسول لتامين ما يحتاجه من المخدر.
-ضعف الرعاية التي تقدم للمسنين والمحتاجين من قِبل الدولة بحيث تدفعهم الحاجة إلى التسول.

*التسول وسيلة عمل*
وقال أحمد السيد " ان الكثير من المتسولين يستخدموا التسول كوسيلة عمل بالرغم من استطاعتهم العمل في اي مرفق حكومي او خاص كالتنظيف او الطبخ او حتى في البنايات (الحجر والطين) الا انهم يفضلوا وسيلة التسول وتعليم أطفالهم هذه المهنة الرديئة".

وتابع السيد "ان عمل المتسولين يبدأ من الساعة ٨ صباحاً وحتى ساعة متأخرة من الليل ، والمشكلة أن معظمهم أطفال ويتشردوا بين ازقة الشوارع وهناك الكثير من الحوش البشرية، حيث ان اغلبهم يتعرضوا للاغتصاب والتحرش مما يفقدهم حقوق طفولتهم الاساسية وهي الأمان والتعليم".

وأكد السيد " تعد ظاهرة التسول بارصفة الشارع مشكله للسائقين حيث انه قد يتعرض احد الأطفال المتسولين إلى الدهس خاصة انهم يظهروا امام المركبات بشكل مفاجى مما قد يسبب الارتباك للسائق و قد يعرضه الحادث او دهس المتسول".

*زيادة نسبة أطفال الشوارع يعرض البلاد للخطر*

وبدورها قالت مريم زكي مرشد نفسية" تعد ظاهرة التسول ظاهرة منتشرة في أغلب دول العالم ويعاني أطفال التسول أكثر من الكبار لما قد يتعرض له من انتهاكات وتحرش إجباري وضرب وهذا قد يحولهم الى أشخاص سيكوباتيين (شخصية معادية للأفراد والمجتمع ولا تخجل من ذلك) مجردين من الاحساس، ويزرع بداخلهم الحقد والكره وغيرها الكثير من المشاعر السلبية فيصبحوا أشخاص، خطرين على المجتمع لما قد يلحقوا به من أضرار، حيث يصبح البعض منهم سارق أو مجرم أو بائع للممنوعات؛ وقد يقوموا بتطبيق ماتعرضوا له في طفولتهم على غيرهم سواء الأطفال أو الكبار ، وحين نبحث في تاريخ المجرمين  نجدهم من الأطفال الذي عاشوا بين أرصفة وأزقة الشوارع ، فكل مازدت نسبة أطفال الشوارع كلما أصبح مستقبل البلاد معرض للخطر  أكثر".

وأكدت زكي" هناك بعض العلاج لظاهرة التسول :
-تقديم فرص عمل للمتسولين من خلال بعض الأعمال الحكومية أو الشركات الخاصة بحيث توفر لهم دخلًا ماليًا ثابتًا.
-تخصيص جزء من الزكاة للمحتاجين حيث أنها تقلل من الفقر والجوع المنتشر في البلدان الفقيرة.
-وضع قانون ينص على معاقبة المتسولين وأي شخص يقوم على تنظيم جماعات هدفها جمع المال بتلك الطريقة.
-نشر الوعي عن طريق الصحف والتلفاز لبيان ضرورة تقديم المساعدة للمتسولين نفسياً ومادياً وثقافياً.
-التشجيع على التعليم ودعم الراغبين فيه لأن التعليم يرفع من مستوى الفرد والمجتمع ويساهم في خلق جيل متعفف عن التسول بعلمه وعمله.

وإشارات زكي " بلادنا تفتقر إلى المنظمات التي بدورها تتكفل بتوفير المأوى للفقراء والمرشدين ، أو على الأقل توفير التعليم المهاري لهذه الفئة ومن ثم توفير الأعمال لهم لما يناسب ميولهم وخبراتهم (كالحياكة ، والهندسة ، صيانة الجوالات ، الميكانيكا ، الطبخ وغيرها من الأشغال) الذي قد تخفف بشكل كبير نسبة التسول وتحولهم من أشخاص مسؤولين معتمدين على أنفسهم بدلا من الاعتماد على التسول".

وتابعت زكي" بدورنا نحن المرشدين نطالب من المنظمات الدولية والمحلية في عدن وجميع المناطق بالنظر والتفكير بشكل جدي لحل لهذه المشكلة من جذورها؛ وأتكلم نيابة عن جميع زملائي وزميلاتي بمجال الارشاد النفسي أننا متطوعين بالنزولات الميدانية لتوعية الاسر الفقيرة حول مخاطر هذه الظاهرة على المجتمع ، فقط ننتظر الخط الأحمر للتحرك والدعم لهذه الحملة ".



*الحروب تزيد نسبة التسول*
بسبب الحروب ازدادت نسبة التسول في الشوارع من جميع الأعمار واضطر اغلب الفقراء بالأخص النازحين بإخراج أطفالهم للعمل او التسول لتوفير لقمة العيش؛ وهناك الكثير من الأسر عزيزة النفس لم تجد الاعمال ولكنها فضلت البحث عن الطعام بين النفايات بدلا من التسول ومد ايدهم للناس في الشوارع؛ بينما هناك أسر لم تجد وسيلة سوا التنازل عن العزة ومد ايد أياديهم للناس في شوارع ، وتسوّل ما يمكن أن يسدّوا به رمقهم، ويقيهم مجاعة محققة.

وتعد اليمن من أفقر دول العالم، فيما تسببت الحرب، التي دخلت عامها الثاني، بوقوع 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80% من تعداد سكان البلد المضطرب، بحسب تصنيفات البنك الدولي، مما جعل الكثير من الفقراء يلجوا الى التسول اي طلب المال والطعام من عامة الناس ويتم استجدائهم بالعديد من المبررات والمسببات مثل المرض أو العجز أو سوء الحال المعيشي، وهنا فإن الممارسون لعادة التسول يتواجدون على جوانب الطرقات والأماكن العامة منتظرين عطف الناس عليهم لإمدادهم بما يحتاجونه .

ووفقاً لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، هناك 21 مليون يمني من أصل 26 مليون، يشكلون تعداد سكان البلد المنهك، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، أو حماية حقوقهم.
وطبقاً لبرنامج الأغذية العالمي، تعاني غالبية المحافظات اليمنية من انعدام الأمن الغذائي الشديد، الذي وصل إلى مستوى "الطوارئ"، وهو المستوى الذي يسبق "المجاعة" مباشرة، وذلك وفقاً لمقياس مكون من خمس نقاط في اﻠﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻤرﺣﻠﻲ اﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻞ ﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷﻣﻦ اﻟﻐﺬاﺋﻲ (IPC).
‎وأدى النزاع الذي اندلع أواخر شهر مارس 2015 إلى تدهور حالة الأمن الغذائي السيئة بالفعل في اليمن، ليزيد عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع عن أكثر من ثلاثة ملايين شخص في أقل من عام.
وقد قدمت عدد من الدول، لا سيما السعودية ودول الخليج، مواد إغاثية للمتضررين من الحرب، كما استقبل ميناء عدن جنوبي البلاد، سفينة تركية تحمل أكثر من 6 أطنان من المواد الإغاثية، تم توزيعها خلال اليومين الماضيين، للفئات المتضررة في مدينة عدن.