تحليلات سياسية

الأحد - 14 أبريل 2019 - الساعة 05:40 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/خاص

خلال السنوات الماضية أزاحت مواقع التواصل الاجتماعي، قوة تأثير السلطة الرابعة على صناعة الرأي العام ، وأحدثت وسائل التواصل الاجتماعي تغييرات وتحولات أطاحت بأنظمة عربية، وتحديدا في 25 يناير من العام 2011 ، حين تفجرت ثورة مصر وخلعت الرئيس حسني مبارك، بسبب تأثير منصات التواصل الاجتماعي، وتحديدا الفيس بوك، الذي بلغ مستخدميه أثناء الثورة المصرية أكثر من 30 مليون مصري، العالم الافتراضي ارتبط بالعالم الحقيقي وأسقط أهم وأقوى نظام عربي.

وعلى الرغم من أهمية هذا السلاح، إلا أنه يظل سلاح ذو حدين يمكن للشائعة أن تأخذ مداها وتحدث عبره أحداث تهز المجتعات المتماسكة.

رةوتفصيلاً، قال مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الشهير (فيس بوك)، مارك زاكربيرغ خلال مؤتمر (تيكونومي) الذي يجمع التقنية بالاقتصاد والذي عقد في منطقة خليج (هاف مون) بكاليف "أعتقد أن فكرة تأثير الأنباء الكاذبة على موقع فيس بوك والتي تمثل جزءاً صغيراً جداً من كم المواد المنشورة على الموقع هي فكرة مجنونة جداً". وأضاف مؤسس أحد أشهر مواقع التواصل الاجتماعي "يوجد الكثير من الأخبار الملفقة الأن وفي السابق ونحن نبذل جهداً ليتمكن من الناس من الإبلاغ عنها.

وفي الولايات المتحدة استطاع ترامب الوصول إلى سدة البيت الأبيض بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي صدم الكثير من المتابعين، من ضمنهم محللين لاستطلاعات الرأي ووسائل إعلام حيث تم طرح العديد من الأسئلة بشأن دور وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الفوز على أوسع نطاق.

تأثير وسائل التواصل في الجنوب
يلعب الفيس بوك في الجنوب دورا محوريا لتسليط الضوء على قضايا سياسية واجتماعية، ويحدث ارباكا وجدلا واسعا، في الوسطين السياسي والإعلامي، غير أن تمكن شخصيات إعلامية من تحويل صفحاتهم على الفيس بوك، إلى منصات تأثير، سلبي وإيجابي، جعل من الوسائل الإعلامية الكلاسيكية أقل أهمية عند المتابع الجنوبي، وبات قطاع واسع من المواطنين يتلقفون الأخبار والتحليلات دون الانتباه لخطورة ما تحدثه وسائل التواصل من شحن مناطقي وتوظيف سياسي ممنهج.
ومنذ تحرير الجنوب في العام 2015 ، وظفت جهات سياسية وقوى إقليمية منصات التواصل، جبهة إعلامية يمكن لها أن تحدث تغييرا في الوعي الجنوبي، وعبر تلك المنصات تناقل اليمنيون معلومات مغلوطة للكثير من القضايا، ولعل الأمن في عدن، ظل هاجسا يؤرق ملايين اليمنيين، الذين عزفوا عن زيارة المدينة، بسبب تصوير عدد من المغردين أن عدن باتت مدينة أشباح في ظل حكم وسلطة القوات الجنوبية، على الرغم من أن الواقع مخالف لذلك، وباتت مدينة عدن مقصدا لمئات الألاف من المدن الأخرى.


الجيش الالكتروني الجنوبي في ميزان التحليل

لايبدو عفويا تطابق العشرات من الأسماء الحقيقية والمستعارة في طرح مواضيع موحدة على منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف أي فعل سياسي في الجنوب، كما تنال من أي نشاط أمني وعسكري جنوبي سواء ضد الجماعات الإرهابية أو ضد قوات الحوثيين، وبرأي مراقبين فإن هناك جيشا منظم يغذي صناعة الرأي العام المناهض للقوات الجنوبية، كما يستغل ذلك الجيش أي حادث عرضي لتحويلها إلى مادة للاستهلاك السياسي والتوظيف القذر يصب في خدمة أجندة القوى اليمنية المناهضة لمشروع استقلال الجنوب وخدمة للقوى الإقليمية الداعمة لها، خصوصا والجنوب يمر بمرحلة مخاض عسير، في حال تجاوزها يضع نفسه عمليا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم الجنوبي الذي سقط لأجله عشرات الألاف من الجنوبيين.

في موازة ذلك الجيش، ينشط المئات من الجنوبيين لتعرية الأكاذيب وكشف الحقائق كما هي، وتطمين المجتمع الجنوبي أن الأوضاع تسير في اتجاه صحيح برغم تكالب القوى على كل ما هو جنوبي.

ويرى بعض المحللين بأن منصات التواصل الاجتماعي، لايمكن أن يبنى عليها تقييم حقيقي حول أي حادثة، وبحسب القانون فإن القضايا تخضع لطريقة المساءلة والاستجواب والتحقيق والشهود وأخذ كل ملابسات القضية بعيدا عن التوظيف السياسي، وبعدها يمكن البناء بعد استنفاد كل المعلومات حول القضية المثارة.

وخلال الأسابيع الماضية أثارت وسائل التواصل الاجتماعي مواضيع نهب الأراضي، وقضايا القتل خارج القانون في عدن، وبعيدا عن السلطات القضائية التي يتوجب أن تكون هي صاحبة كلمة الحل والعقد في تلك القضايا، تبادل نشطاء وشخصيات التهم حول تلك القضايا، وبرغم حقيقة حدوث تجاوزات كبيرة في موضوع الأراضي والانتهاكات، إلا أن الحقيقة تظل بعيدة عن ما تم تداوله بشكل واسع.

في خضم المعترك التي احدثته وسائل التواصل الاجتماعي، يكشف أحد قيادات السلطة المحلية في عدن ل< تحديث تايم< حجم التهويل والتضليل والتوظيف السيء لتلك القضايا، كاشفا أن الأجهزة الرسمية ترصد كل الحالات وتمتلك سجل بيانات بكل التفاصيل وأحيانا تتأخر في اصدار بيانات توضيح، بسبب عدم استكمال بعض الملفات التي تتوجب مشاركة فاعلة من كل أجهزة الدولة المختصة، وفي هذا الأطار يوضح أن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيل أجهزة القضاء في كل المحافظات الجنوبية،الأمر الذي سينهي مسلسل الجدل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي بسبب وقوع تلك الحوادث.


نقاط ضعف ونقاط قوة

وبحسب مراقبين فإن هذا الجيش التقني الخادم للقضية الجنوبية عبر فضاءات السوشال ميديا يعاني من نقاط ضعف ابرزها هي قابليته للتوجيه العاطفي من قبل منصات القوى المعادية للقضية الجنوبية إضافة إلى تفاعله مع منصات التواصل الاجتماعي التي تعتاش على الإثارة خدمة لاجندة معادية .
كما أن من عيوبه بناء استراتيجيته على رد الفعل وعدم الأخذ بزمام المبادرة إلا على نحو نادر .
ومن عيوبه أيضا عدم اعتماده على سلاح المقاطعة والتجاهل لبعض حوائط الفتنة التي تنشط بتفاعلات المدونين الجنوبيين على منشوراتها حتى لو كانت مداخلاتهم تمثل انتقادا لتلك المنشورات .
ومن هذا الجيب تمر أهم أسلحة العدو الإلكترونية حيث يقوم الذباب الإلكتروني المعادي بإثارة قضايا الفتنة بين الجنوبيين بشكل منتظم بحيث يؤدي تفاعل الجنوبيين إلى الاستسلام لها مع مرور الوقت .
إضافة على غياب غرفة عمليات موحدة لنشاطه واعتماده على منطق الحماس المجرد للقضية .
ويرى مراقبون بان الجيش الإلكتروني الجنوبي يملك نقاط قوة عظمى حيث يمثل ذراعا إعلاميا عملاقا في وسائط التواصل الاجتماعي خصوصا تويتر وفيسبوك.
كما تظهر قوة هذا الجيش بما يحققه من نسب عالية في ترندات تويتر على المستويين العربي والعالمي .
وينصح مختصون بان هذا الجيش يحتاج إلى تلقين مقتضيات الخبث الإلكتروني حتى يتحول إلى نحل إلكتروني قادر على اللسع بمثل قدرته على توزيع العسل في وسائط السوشال ميديا .


فضاء مفتوح

أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن بشكل عام إلى ممارسة الصحافة والتعاطي مع الأخبار ضمن فضاء مفتوح، وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ينشط ملايين اليمنيين في وسائل التواصل الاجتماعي لتداول الأخبار بعد أن منعت سلطات الحوثيين بث العديد من القنوات والصحف والمواقع الأخبارية الغير منسجمة مع توجهاتها، وعبر تلك الوسائل يمارس العديد من النشطاء في فضاء مفتوح وحر الصحافة سواء بالكتابة والتحليل أو بتناقل الأخبار.

وفي الجنوب أحدثت منصات التواصل الاجتماعي صحوة في المجتمع الجنوبي للتعاطي مع كل شاردة وواردة للضغط على الجهات الرسمسة حيال العديد من القضايا التي تؤرق المجتمع، في سلوك ينم عن النهج الديمقراطي، وبرأي متابعين فإن نشطاء على تلك المنصات حققوا نتائج كبيرة لفتت انتباه صناع القرار، وعلى الرغم المخاطر التي تهدد بعض النشطاء إلا أنهم كسروا حاجز الخوف وتجاوزوا كل الخطوط الحمراء التي تفرضها السلطات، على خلاف النشطاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إذ يتوجس النشطاء من البوح بإسماءهم الحقيقة في نقد تصرفات سلطات صنعاء خوفا من القمع والتنكيل.

ويرجع مراقبون السبب في ذلك كون المواطن الجنوبي كان شريكا فاعلا في تحقيق النصر ، الذي عبر تلك الوسائل تحول أثناء احتلال الجنوب من قبل الحوثيين إلى عنصر فاعل، يرصد ويوثق ويبلغ قوات المقاومة عن التحركات للمقاتلين الحوثيين، وعن مواقعهم، وعبر جروبات الواتس اب التي يشارك فيها جنوبيون من أكثر من منطقة كانت تشكل غرف العمليات لتوزيع المعلومات، وفيها ترفع المعنويات عند تحقيق الانتصارات مرفقة بالصور.

هكذا تظل منصات التواصل الاجتاماعي تلقي بظلالها على المشهد الجنوبي بين تأثير سلبي وأخر إيجابي، على غرار كل المجتمعات في العالم، غير أن ضعف السلطات الرسمية الحكومية في تأدية مهامها سبب فراغ وجد في ذلك الفراغ العديد من النشطاء مادة دسمة للاستهلاك الإعلامي والتوظيف السياسي كل حسب رغبته.