الخميس - 23 مايو 2019 - الساعة 08:23 م بتوقيت اليمن ،،،
خاص لصحيفة تحديث تايم
حلت يوم امس الأربعاء موافق 22مايو ذكرى يوم الوحدة والتي يعتبرها الجنوبيون يوم نكبة الجنوب الكبرى وبعد ان كان هذا اليوم مقدس لعصابات صنعاء واذنابهم يحتفلون قبله بأسابيع وبعروض ومهرجانات في الميادين لاستفزاز الشعب الجنوبي وتسندهم جيوش جرارة. تغير الحال واصبحوا فقط يتهامسون في غرف الفنادق ليحتفلوا به.
وهو ما يؤكد جليا ان الوحدة انتهت كليا اليوم ولم يعد لها وجود في الشطرين الشمالي والجنوبي. وهي التي قد انتهت بعد حرب صيف 94م "المشؤومة" او كما روج لها آنذاك – بحرب الرده والانفصال –الحرب التي قضت على مشروع الوحدة الطوعي.
المشروع الذي كان محطة تاريخية مؤلمة لكل أبناء الجنوب يوم تم فيه توقيع اتفاقية كان يفترض بها تقرير مصير شعبين تصاغ على اساس اقامة دولة مدنية اتحادية ثنائية تقوم على الشراكة والمواطنة المتساوية والتكافؤ والندية، تأخذ في عين الاعتبار الضمانات الدولية ، ويسود فيها العدل وتصان فيها الحقوق والحريات ، تبنى على اساس الافضلية إلاً ان 22 من مايو تحول ليصير ذكرى نكسة ونكبة ، لم يشهد لها الجنوب مثيلاً في تاريخه المعاصر.
فالوحدة اليمنية التي تحققت بين شطري اليمن الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية)، واليمن الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، في الثاني والعشرين من مايو 1990م، كانت نتاج لقاءات وإجتماعات بين رؤساء الجانبين إستمرت سنوات وأمتزجت بمطالب شعبية، خاصة في الجنوب الذي كان تواقاً لتحقيق هذا الحلم الذي إتخذه كشعار وهدف يطمح إليه، غير أن هذه الوحدة تحققت بشكل سريع وعاطفي ودون أن يوضع في الحسبان الثقافة التي ترترع فيها الشعبين والسياسات الإقتصادية ونظام الحكم المتبع، حيث كانت القبيلة تسيطر على الشمال الذي كان يتعامل بالنظام الرأسمالي، في الوقت الذي كان النظام والقانون يطبق على الجميع وكان النظام الإشتراكي هو السائد.
-إلغاء هوية الدولة الشريكة
وفي السنوات الأولى للوحدة، بدأت تظهر نتائج هذه السياسات المتسرعة التي إنعكست على الأوضاع العامة، حيث سعى علي عبدالله صالح، إلى السيطرة على الحزب الإشتراكي اليمني، الشريك الرئيسي في الحكم من خلال إستمالة قياداته وإغرائهم بالمال والأراضي والمناصب والبعثات الدبلوماسية وهي أشياء لا يحصلوا عليها بطرق سهلة في الجنوب، تارة وتصفية القيادات الوطنية منها تارة أخرى، حيث كان يهدف من خلال ذلك إلى إلغاء هوية الدولة الشريكة في صنع هذه الوحدة وإبتلاعها "كما يقول الساسة الجنوبيين"، ومع إستمرار هذه المحاولات التي وصلت إلى حد مقترح دمج الحزبين لتشكيل قوة واحدة في مواجهة حزب الإصلاح الذي يعتبر أحد ادواته، تفاقمت المشاكل بين شريكي الحكم ممثلاً بصالح والبيض، الذي كان صادقاً بشأن توحيد البلدين وتعامل مع صالح بثقة مفرطة وصلت إلى حد نصب أقوى ألويته في المحافظات الشمالية البعيدة.
-سوط جلادٍ فاحش..يغري بالحرية والعبودية مبتغاه
22مايو 1990كان قارب نجاة للنخب السياسية في الشطرين لهذا لم تمضي سوى فترة وجيزة حتى تقاطعت المصالح واقتتلوا. اما الشعب الذي كان تواقا للوحدة التي ملأت وجدانه حبا لها.. فقد مورست ضده ممارسات باسم الوحدة هدفت لملئ قلبه كرها لها.
كانت الوحدة اليمنية على الجنوبيون بمثابة
سوط جلادٍ فاحش..يغري بالحرية ووحدها العبودية مبتغاه وحدة تمثل انتكاسة سياسية وتاريخية وانسانية حقيقة تستدعي ذاكرة الالم وحقيقة المأساة والتي تجلت بإعلان الحرب في 27ابريل 94م ،في محاولة لشرعنه الحرب والغزو وفرض السيطرة العسكرية على الجنوب في 7/7/94م التي تجسدت في احتلال الارض وامتهان كرامة الانسان والغاء الشراكة الطوعية لدولة كاملة السيادة.
واذا عدنا بالتاريخ للوراء لنستذكر ما الذي حدث للجنوب بعد الوحدة مباشرة حين تم انداك اغتيال مايزيد عن 156 من القادات الجنوبية قبل ان تحدث الازمة ليتم فيما بعد اعلان الحرب من قبل علي صالح في ميدان السبعينفي السابع والعشرين من ابريل1994 تم فيها حصار الالوية الجنوبية في صنعاء والقضاء عليها تماما ليتم حينها اصدار فتوى من الديلمي بجواز قتل كل ماهو جنوبي واستباحة ارضه وعرضه بأعتبارة كافر ملحد واستخدام المجاهدين الافغان والعرب في الحرب ضد الجنوب لم تقف الانتهاكات حينها عند هذا الحد لتصل الى استقدام طيارين من حزب البعث العراقي لضرب الجنوب واستخدام الطائرات الحربية العراقية والاردنية في ضرب قوات الجنوب .
حرب تم فيها ضرب وتدمير البيوت فوق ساكنيها وقتل الاطفال والنساء والعجائز في عدن وفي عقاب جماعي لشعب الجنوب ضربت خدمات الكهرباء والماء والاتصالات ومصافي عدن ووفق الاحصائيات التي قدمتها منظمات انسانية تم حينها قتل اكثر 16 ألف جنوبي في تلك الحرب الشنيعة وجرح اكثرمن 35 الف جنوبي وشرد عشرات الالاف.واقصي اكثر من 86 ألف جنوبي من وظائفهم وتم استبدالهم بشماليين من دون وجود اي مؤهل يذكر.
فيما بعد توالت عمليات النهب من قبل المتنفذين الشمالين لاراضي عدن واراضي الجنوب وبيعت ونهبت كل المؤسسات الحكومية الجنوبية والمصانع المملوكة للدولة وصرفها للشماليين وحرم الجنوبيون من الصحة المجانية والتعليم المجاني والخدمات الضرورية التي كان يحصل يمتلكها الجنوبيون في دولتهم السابقة .
ولم يقف نظام الشمال عند هذا الحد ليطال كل ماهو جنوبي وعلى مر السنين التالية تم طمس هوية الجنوب من خلال تغيير واستبدال اسماء الشوارع واسماء المدارس واسماء المستشفيات والمرافق الحكومية وهدم الاثار بحجة اعادة ترميمها كما حدث للمساجد الاثرية والسدود السبعة في جبال شمسان .
وحدة تم من خلالها فتح المجال للمستوطنين الشماليين واعطائهم حوافز كثيرة للعيش والاستيطان في الجنوب من مساكن ميسرة وصرف الاراضي للشمالين ومضايقة الجنوبيون في كل مجالات الحياة والمعاملات ونشر الامية بين الجنوبيون وجعلهم يبحثون عن لقمة العيش بدلا من مواصلة التعليم.
وحين اراد الجنوبيون استعادة دولتهم تم ممارسة كل انواع العنف ضدهم وقتل اكثر من 1300 من الحراك الجنوبي وجرح الالاف وسحلت وشوهت جثثهم وعذب المئات في السجون حتى الموت.
ولم تكن هذه الحرب هي السبب الرئيسي، لإنتفاض الجنوبيين وإعلان رفضهم لهذه الوحدة التي سعوا إليها، ولكن الإجراءات والممارسات التي قام بها صالح عقب العام 1994م هي السبب الرئيسي لإنطلاق شرارة الحراك الجنوبي الذي بدأ بتحقيق مطالب مشروعة، تم التعامل بها من قبل نظام صالح بإستهتار وتجاهل، الأمر الذي أدى إلى تطورها لتصل إلى حد المطالبة بإلإنفصال وعودة الدولة الجنوبية السابقة .
حرب2015 دليل اخر على النكبة.
وكان من المهم الاستفادة من ظروف مآسي حرب 94 ومن دروسها حتي تكون ضمانة لعدم تكرارها، لكن للأسف الشديد هذا لم يحدث فكانت حرب 2015م دليلاً علي أن شيئاً لم يحدث في العقل اليمني الذي يغلب منطق القوة والغلبة لحل الخلافات والصراعات السياسية..
حيث شاركت قوات صالح في اجتياح الجنوب رفقة مليشيات الحوثي وهو ما كان النعش الاخير في قلوب جميع الجنوبيون الذين مازالو يتمسكون بمشروع فك الارتباط وعودة دولتهم كاملة السيادة.
-الذكرى 25 لإعلان الجنوب التاريخي
وفي ذكرى اعلان فك الارتباط صرح هاني البيض نجل الرئيس علي سالم البيض، إن "التاريخ ومجمل الأحداث التي مر بها الجنوب وحركته الوطنية وكل التطورات الأخيرة أثبتت أن قرار ال21 من مايو 1994 كان قرار وطنيا شجاعا وصائبا".
وكتب هاني البيض، في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، تابعها تحديث نت : "اليوم الذكرى 25 لإعلان الجنوب التاريخي بفك الارتباط عن نظام الاحتلال الدموي في صنعاء".
وتابع: "قد أثبت التاريخ ومجمل الاحداث التي مر بها الجنوب وحركته الوطنية وكل التطورات الأخيرة أن قرار ال21 من مايو 1994 كان قرار وطنيا شجاعا وصائبا رغم التأويلات الخائبة التي استهدفته ودارت حوله حينها".
*قيادات المؤتمر تعترف!
قال الدكتور ابو بكر القربي الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام ان الوحدة اليمنية خانتها القيادات السياسية التي لم تستوعب حجم واهمية الانجاز وطنياً وقومياً
وذكر القربي على حسابه في تويتر ان الثاني والعشرين من مايو يوم الوحدة التي خانتها القيادات السياسية واكتفت باعتباره طريقاً للمصالح وتصفية الحسابات و إقصاء للخصوم فافتعلت الأزمات وعرقلت الحلول.
