تحليلات سياسية

الثلاثاء - 18 يونيو 2019 - الساعة 10:13 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/ خاص

(شر البلية ما يضحك)، عنوان لحكمة قديمة عرفها العرب، مازالت تتناقلها الألسن حتى اليوم، ورمزيتها تستخدم لإسقاطات عديدة في اليمن.
كيف لا والحرب التي فاقمت معاناة الشعب واستفاد منها تجار الحروب تحمل في باطنها الشرور والبلاوي التي تسهم الحكومة الشرعية، كما يرى البعض، إلى جانب المتمردين الحوثيين، في تعميم مظاهرها وجعلها أمر واقع لا مفر منه.
هناك من يقول، إن قائمة التراجيديا أو الملهاة اليمنية، طويلة وتكاد تعد ولا تحصى، لكن إحدى أبرز ملامحها ووجوها المثيرة للضحك حد البكاء بالإمكان التقاطها من مأرب، المحافظة التي حاول كتاب جنوبيون وأصحاب أقلام مسمومة ونشطاء الدفع المسبق، تحميلها أوصاف لا تمت إليها بالصلة، (مأرب المدنية، مأرب الاستقرار والتنمية، مأرب الوجه المشرق لليمن، مأرب رمز الشرعية والحكم اليماني الرشيد)، وهلم جره.
 المحافظة التي يرى مراقبون أنها كانت ومازالت حاضنة القيادات الإرهابية، مفرخة عناصرهم، والتي تستخدم أراضيها كمنصة انطلاق لتنفيذ عمليات الاغتيالات والتفجيرات في طول البلاد وعرضها، وخصوصا الجنوب، وتغطي سماؤها الطائرات الأمريكية من دون طيار بحثاً على صيد إرهابي ثمين يحتمي عادة داخل معسكرات الشرعية، يؤكد كثيرون أن المتطاولين على نضالات الجنوب وحق شعبه في الاستقلال واستعادة دولته، حاولوا تلميع وجهها القبلي بإدخالها إلى العصر الحديث بعمليات تجميل لا تصمد مساحقيها أمام أول اختبار، فكم مرة سمعنا عن تلقي جيوشها دعماً من التحالف وبالذات السعودية بالأسلحة والمعدات التي لا يطلع عليها نهار إلا وهي في أحضان الحوثي، يقتحم بها أراضي المملكة ويقصف بها الجنوبيين، كم مرة سمعنا عن أطقم عسكرية وسيارات إسعاف تنتشر في الأسواق الشعبية لبيع مالذ وطاب من القات والخضار وفاكهة الحبحب، وقبلها تحتفظ الذاكرة الشعبية بقصص عمليات اختطافات لسوائح أجانب من كبار رجالات القبائل بغية ابتزاز الدولة، فكان النظام يشجعهم على التمادي في غيهم بمنحهم أكثر مما طلبوه، يكافئهم لأنهم الوقود الذي يراهن عليهم في 
أي مواجهة مقبلة مع الجنوب أو في الجنوب، يسيل لعابهم بتعميم ثقافة الفيد والغنائم، التي اكتوى بنهارها الجنوب منذ ما بعد 1994 ويعاني منها التحالف حتى اليوم.
معظمنا يتفق بأن في مأرب رجال لا ينكثون العهد،  يصدقون في القول مع الخصم قبل الصديق، رجال لم يعد أحد يسمع صوتهم، لأن السيادة في المحافظة لحزب الإصلاح فرع الأخوان المسلمين، الذي أطلق أكذوبة الحرب مع الحوثي، هذه الأكذوبة كما يؤكد البعض: "صارت مفضوحة، بعد أن بدأت أذرع إيران وقطر في المنطقة أكثر التحاماً وتماسكاً، ومشاريعها التخريبية أكثر اتفاقاً وتشابهاً، فدخلنا في مرحلة جديدة من استنزاف التحالف ليس بالمال فحسب وإنما بالخيانات، بإسقاط جبهات أو تسلميها للحوثيين في مسرحيات هزلية مكررة، في تعز والبيضاء والضالع الشمالية ومأرب، توظيف السياط الإعلامي القطري ورأس حربته الجزيرة، لإرباك جهود التحالف في فرض الأمن والأمان في المحافظات الجنوبية، نسف التماسك الاجتماعي من خلال إشاعة الفوضى وسرقة الضوء الذي يشع في نهاية النفق المظلم للحرب، تبريد جبهات القتال في الشمال وإشعالها في الجنوب لجس نبض إرادة مقاومته، لاختبار مدى تماسكها وصلابتها، بعد أن توهم الغزاة الجدد بأن كعكة الجنوب قابلة للقسمة والالتهام وئيداً من بوابة الضالع الجنوبية التي أغلقت بوجه الحوثيين الذين دخلوا الجنوب في 2015 ولم يغادروه إلا جثث هامدة، وها هي توصد بوجههم مع كل محاولات الاختراق الفاشلة من أكثر من محور.
وإذا كانت الضالع ومازالت وستظل رمز صمود الجنوبيين، عنوان كبرياؤهم وعنفواهم، وقلعة رفضهم لتدنيس أرضهم بأقدام من يرفعون رأية العصبية الدينية والمذهبية الطائفية، فأن مأرب هي الوجه الاخر للتمدد الحوثي، وطعن التحالف في الظهر، بافتعال أفلام كابوي ومسلسلات مكسيكية في صرواح، والترويج لنهم بأنها جبهة الصمود والتحدي في صد التغلغل الإيراني في الجزيرة العربية وما وراء البحار، فكان أدنى اعتراف بقيمتها للأمن الكوني، نقل قائد المنطقة العسكرية السابعة تهاني الرئيس عبدربه منصور هادي، العيديه، لأبطال الجيش الوطني في خطوطها الأمامية، التي لا يطلق فيها الرصاص إلا في مهرجانات الأعراس الجماعية أو في إشارة البدء بعملية صفقة انسحاب لصالح الحوثي ومن ثم العويل من شحة دعم التحالف الذي قدم للجبهة أضعاف أضعاف ما قدمه للجنوبيين، مع ذلك تصر السعودية على أن تلدغ من جحر مأرب مرتين، الأولى جراء عدم حسم معركة التقدم إلى صنعاء، وتشجيع الحوثيين على الارتداد في الثانية من مرحلة الدفاع إلى الهجوم.