آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

تحليلات سياسية


من قتل سمحان الراوي ؟ هل فضح القاتل نفسه ؟ " خاص "

من قتل سمحان الراوي ؟ هل فضح القاتل نفسه ؟ " خاص "

الأحد - 28 يوليه 2019 - 09:26 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص .


لم ينقطع مسلسل الرعب في الجنوب منذ ما بعد العام 1990، وشهدت مدينة عدن موجة اغتيالات متفرقة راح ضحيتها المئات من خيرة رجال الجنوب العاملين في السلك العسكري والأمني، فضلا عن قيادات سياسية وازنة لم لم تستثنيها خلايا الرعب من الاغتيالات.

وبرغم فداحة الجرائم والتصفيات، لم يتم التحقيق ولا كشف الجهات المتورطة، من قبل الحكومات المتعاقبة في النظام السابق واللاحق.

غير أن الأوضاع التي تعيشها البلاد منذ أربع سنوات، وتداخل وتقاطع المصالح للعديد من الجماعات والكيانات وحتى الدول في اليمن، جعل من أبواب التكهنات مشرعة أمام الكثير القوى التي تهدف من نبش تلك الملفات إلى الأصطياد في الماء العكر، ودق إسفينا بين المقاومة الجنوبية والمجتمع في الجنوب.


تاريخ الاغتيالات

منذ تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح في العام 1990، نظمت حركة الإخوان المسلمين أجنحتها التنظيمية والعسكرية والسياسية والقبلية داخل الحزب، وكان أخطر تلك الأجنحة الجناح الأمني والعسكري، الذي ارتبط بأجهزة الدولة العسكرية التي يشرف عليها الفريق علي محسن الأحمر، وأنشأ الأخير معسكرات تدريبة سرية في أرحب ومأرب إضافة إلى معسكر داخل الفرقة الأولى مدرع في صنعاء، وبلغ عدد قوات الجهاز العسكري السري للحزب عشرة الآف عنصر، خضعوا للتدريب من قبل أجهزة أمنية تركية ومصرية تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين.

فور وصول قيادات الدولة الجنوبية إلى صنعاء ابتدأ مسلسل التصفيات وقتل أكثر من 150 قياديا في صنعاء برصاص تنظيم الإصلاح، ولم يسلم منزل رئيس وزراء دولة الوحدة، حيدر العطاس من الاستهداف، كما تم استهداف منزل رئيس مجلس النواب ياسين سعيد نعمان، كل رموز الجنوب باتوا أهدافا مشروعة للتنظيم الذي شرع التصفيات واعتبره جزء من الجهاد، على غرار رأي المسؤول عن الجهاز الخاص في التنظيم عبدالرحمن السنيدي، الذي ابتكر فقه التصفيات الجسدية لمن يعارض سياسات الحركة ومن يقف في طريقها على اعتبار أنهم كفارا.

لم ينته مسلسل الرعب الذي بثته الحركة في وجه خصومها السياسيين، واستمرت في التصفيات بعد معركة 94، وهزيمة الجنوب، برغم أن التنظيم أجاز قتل حتى المدنيين من الجنوبيين في الحرب، قبل أن يحاول التستر عن أهدافه تلك بعد أن أصبح شريكا في السلطة بعد العام 1994، لكن التنظيم لم يتوقف في استهداف المعارضين، وتمت التصفيات وقتل جار الله عمر، برصاص أحد أدوات التنظيم، كما قتل قبله عمر الجاوي مسموما، إضافة إلى العديد من النخب السياسية والإعلامية، أبرزهم عبدالحبيب سالم البرلماني الذي عارض بقوة مشروع الإخوان من داخل قبة البرلمان.

امتدادا لذلك التاريخ الدموي، استمر التنظيم في استهداف رجال الثورة الجنوبية، وصالت وجالت فرق الموت التابعة للإصلاح في الجنوب، وقتلت في وضح النهار، الدكتور جياب السعدي، كما صفت خالد الجنيدي، الإثنين لم يكونا عناصر حراكية وحسب، كانا يمثلان أيقونة الثورة وشكل تصفيتهما من قبل التنظيم انتصارا لمشروعه الهادف إلى إفراغ الجنوب من نخبه، وهو ما حدث لاحقا وخلال الثلاث السنوات الماضية قتل المئات من الجنوبيين بدم بارد.


من قتل سمحان ؟

شكل مقتل الشيخ سمحان (الراوي) صدمة للمقاومة في الجنوب، خصوصا والراوي، يتمتع بعلاقات متينة في الوسطين السياسي والديني في عدن، ومن خلال تاريخ الجهة التي تنفذ الاغتيالات والتصفيات خلال الثلاثة العقود الماضية، يتضح أن بصمات الجريمة لا تختلف عن سابقاتها، لكن هذه المرة تحاول الجهة خلط الأوراق في الجنوب ودق إسفين بين قيادات المقاومة، واختارت الشيخ هاني بن بريك كشماعة تبيض عليها جرائمها مستغلة الخلاف الفكري بين المدرسة التي ينتمي إليها بن بريك، والمدرسة التي ينتمي إليها سمحان، غير أن العلاقة بين الرجلين شهدت مزيدا من التقارب في ظل المعركة التي خاضاها معا في مواجهة الحوثيين في عدن، وعند ما تم تأسيس المقاومة وقيادتها، بدعم من الإمارات، كان الراوي أحد القيادات التي رافقت الشيخ هاني بن بريك إلى ابوظبي.

غير أن التنظيم الدولي للإخوان سارع إلى إفساد العلاقة بين المقاومة والإمارات، فضلا عن زرع الفتنة داخل الصف الجنوبي المقاوم والمتماسك والمتحالف مع الإمارات، ومن هنا بدا تدشين أسوأ مشروع شهدته المنطقة مشروع التصفيات والاغتيالات التي راح ضحيتها رجال الدين والنخب ملقيا التهم على قيادات المقاومة وعلى رأسهم هاني بن بريك.

وبرغم أن خيوط بعض الاغتيالات مكشوفة وبعضها أيضا معلنة من قبل تنظيمي داعش والقاعدة الذي ثبت تورط الإصلاح في التعاون ورسم الأهداف وتقديم الدعم المادي للتنظيمين، كما أن قيادات التنظيمين تخرجا من مدرسة الإخوان، وأمير داعش في اليمن هو رئيس فرع جامعة الإيمان في عدن، رغم كل ذلك، إلا أن الآلة الإعلامية والسياسية لحزب الإصلاح تسوق معلومات مغلوطة وتلحق التهم جزافا بقيادات المقاومة الجنوبية.
وبرأي متابعين، فإن هاني بن بريك عُرف عنه أنه رجل معركة ومواجهة، أثبتت الحرب الاخيرة قدرته وجرءته على القتال أيا كانت الظروف، ولا يمكن لبطل استل سلاحه تحت الضوء لمقارعة جحافل الغزو، أن يكون أحد فرق الظلام والتخفي التي استهدفت الشيخ الراوي.

هكذا تورط حزب الإصلاح وفضح جرائمه، خصوصا والذاكرة الجنوبية حية تحتفظ بشريط الذكريات الذي يحمل الألم والدم الجنوبي النازف برصاص التنظيم الذي جعل من الدم سلما إلى الوصول للسلطة.