آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

تحليلات سياسية


بعد مقتل سليماني: العلاقات الحوثية الإيرانية. . هل هي تناقض سياسي ام عبودية مطلقة ؟

بعد مقتل سليماني: العلاقات الحوثية الإيرانية. . هل هي تناقض سياسي ام عبودية مطلقة ؟

الأربعاء - 08 يناير 2020 - 06:08 م بتوقيت عدن

- تحديث نت/خاص


عكست طريقة وأسلوب تعاطي المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، مع قضية مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس بضربة أمريكية، حالة من التبعية المطلقة من جهة ومن جهة أخرى حالة من التوهان والارتباك الكبير الذي ظهر بوضوح في موقف المليشيات السياسي.

 العبودية الحوثية المطلقة لإيران

 على مدى السنوات الماضية ظلت المليشيات الحوثية تتهرب وتحاول انكار ارتباطها بإيران وتزعم بين الحين والآخر أنها صاحبة قرار سياسي مستقل، لكن تلك المحاولات فشلت في اثبات مصداقيتها بالنظر إلى ارتباط المليشيات الحوثية مذهبيا وفكريا وعسكريا وسياسيا بإيران، حيث كانت الاحداث تؤكد كل يوم ان المليشيات الحوثية ليست سوى ذراع إيرانية في اليمن مثلها مثل الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان.

 ومع تصاعد الأزمة الأمريكية الإيرانية فشلت المليشيات الحوثية في إظهار استقلاليتها عن التبعية لإيران، حيث دخلت على خط الازمة التي تشهدها المنطقة وحالة الصراع الامريكي الإيراني، وهو ما تمظهر بمسارعة المليشيات الحوثية إلى استهداف السعودية بصواريخ ذات صناعة إيرانية من جهة وزيادة هجماتها كلما تصاعدت حدة التوتر مع إيران في المنطقة، مرورا بزيارة ناطقها الرسمي ووفد مرافق له ولقائهم بالمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، ومضامين الولاء التي عبرت عنها تصريحات الوفد الحوثي آنذاك، وقبول طهران لتعيين المليشيات سفيرا لها في إيران، لكن التمظهر الأبرز لتبعية المليشيات الحوثية لإيران اتضح بشكل كبير في مسارعتها لتبني عملية الهجوم الصاروخي على منشآت شركة ارامكو النفطية السعودية وهو الهجوم الذي أكد العالم كله انه لم يكن من اليمن وانما انطلق من شمال السعودية وخلصت التحقيقات السعودية والامريكية إلى انه كان هجوما إيرانيا ولا علاقة للمليشيات الحوثية به التي اكدت بإصرارها على تبني ذلك الهجوم بانها ليست سوى مجرد تابع لإيران وذراع عسكري اخر من اذرع طهران لزعزعة استقرار وامن المنطقة.

 وجاءت عملية مقتل قاسم سليماني وابومهدي المهندس لتوضح الموضح وتؤكد المؤكد، فقد عكس موقف المليشيات الحوثية من الحادثة ليس تبعية فحسب بل وعبودية مطلقة لإيران وفكرها ونفوذها وموقفها واهدافها في المنطقة.

 التباكي الذي ابدته المليشيات الحوثية على مقتل سليماني لم يتمظهر في بيان النعي الذي اصدره زعيم المليشيات ولا في التعازي التي دبجت للقيادة الإيرانية، بل ايضا في حالة البكاء والعويل التي اتسم بها خطاب القيادات والنشطاء الحوثيين خصوصا على وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعية ونشر بعضهم صورا تجمعهم بسليماني أو بالمهندس، حد ان بعض تعليقات النشطاء الحوثيين قالت (يقتل الف يمني ولا يقتل سليماني)، وحالة التماهي مع الموقف الإيراني والاشارة إلى أن المليشيات ستكون احد الاذرع التي ستشارك إيران في ردها على مقتل سليماني حد ان قيادات اعلامية ونشطاء حوثيين أكدوا أن قيادات المليشيات في اليمن تنتظر فقط الاشارة والامر من القيادات الإيرانية لتنفيذ ما تؤمر به من رد على مقتل سليماني، وهو الموقف الذي تماهى مع تصريحات قيادات إيرانية تضمنت التأكيد ان رد إيران على اغتيال واشنطن لسليماني سيكون من طهران واذرعها في المنطقة ومنها المليشيات الحوثية في اليمن.

وواصلت المليشيات الحوثية تقديم دلائل تبعيتها وعبوديتها لطهران بقيامها بتنظيم تظاهرة خاصة تندد بمقتل سليماني والمهندس ونشر صورهما في شوارع العاصمة بشكل اثار حنق وسخرية الناس، بل وصل الأمر بهم إلى الدعوة والتحريض للعراقيين لإعلان الحرب ضد الولايات المتحدة الامريكية وقواتها في العراق والمنطقة، والتماهي الكلي مع خطابات القيادات الإيرانية وقائد حزب الله في لبنان المتعلقة برد الفعل على مقتل سليماني.

 قنوات واذاعات المليشيات الحوثية والمساجد في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتهم تحولت إلى منابر تدعو للجهاد ضد امريكا وطرد قواتها من المنطقة، وتعلن تبعيتها المطلقة واستعدادها التام لتنفيذ أي عمليات عسكرية تصدر بها اوامر من طهران في مشهد يعكس عبودية مطلقة من المليشيات للقيادة الإيرانية ويضعها في موقع التابع الذي لا قرار له ولا شخصية.

 ويمكن القول إن حزن المليشيات الحوثية على سليماني لم يكن نابعا سوى من ادراكها لتأثير مقتله على حقيقة ارتباطها ودعم طهران لها باعتباره كان القائد والمنسق والداعم الرئيسي لاذرع طهران في المنطقة ومنهم مليشيات الحوثي.

 وكانت وسائل إعلامية كشفت أن قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عقد لقاءات في بيروت قبيل مقتله في بغداد فجر الجمعة، مع قيادات حوثية وأخرى من مليشيا «حزب الله»، كرست لمناقشة والتخطيط لعمليات إرهابية في المياه الإقليمية اليمنية تستهدف السفن التجارية والعسكرية الدولية خصوصا الأمريكية.


 ارتباك سياسي حوثي عقب مقتل سليماني

 وفي مقابل الولاء المطلق مذهبيا وفكريا والذي اظهرته مليشيات الحوثي لإيران عقب مقتل سليماني الا ان موقف الحركة السياسي وخصوصا لدى قيادتها العليا ظهر متناقضا ومرتبكا بشكل غير مسبوق.

 وقالت مصادر مقربة من قيادات حوثية ، إن خلافات نشبت بين القيادات الحوثية العليا بشان الموقف السياسي الذي يجب أن تعلنه المليشيات بشأن مقتل سليماني خصوصا بعد أن تصدرت بعض قياداتها المشهد بإعلان موقف دون العودة إلى المكتب السياسي للمليشيات، وتلقي المليشيات انتقادات إيرانية قوية ضد تصريحات بعض قياداتها.

 وكان لافتا مسارعة القيادي الحوثي وعضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي، إلى حذف تغريدتين من حسابه على توتير كان دعا فيها إيران إلى الرد على مقتل سليماني بضرب القواعد العسكرية، ثم تغريدة اخرى قال فيها: ان السلام لا يصنعه الضعفاء ولا تكسب النصر الايدي المرتعشة، في إشارة إلى ان تأخر إيران في الرد دليل ضعفها قبل ان يحذف التغريدتين بشكل نهائي.

 تناقض الموقف الحوثي ظهر ايضا في صمت الناطق الرسمي للمليشيات الحوثية محمد عبدالسلام والذي يقود وفد الحوثي المفاوض والمتواجد في مسقط عن التعبير على مقتل سليماني والمهندس واكتفائه فقط بنشر بيان نعي زعيم المليشيا بحق سليماني والمهندس.

 وعلى غير العادة لم يكتب عبدالسلام كلمة واحدة، الأمر الذي أكد حالة التناقض والارتباك بين الموقف السياسي الرسمي والموقف الإعلامي والفكري والمذهبي والميداني التابع لإيران، وعلى انه محاولة من قيادة المليشيات للتخفيف من أن يثير موقفها السياسي رد فعل غير متوقعة من المبعوث الاممي وسفراء دول العالم وخصوصا سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية من اتفاق استوكهولم من ناحية وموضوع التهدئة مع السعودية من ناحية أخرى.

 و نقل عن دبلوماسي يمني، واسع الاطلاع، أن "تحذيرات غربية مشددة نقلت للحوثيين، عبر طرف ثالث.. من أن العواقب ستكون سريعة وقوية وواسعة حال الإقدام على ارتكاب حماقات تضر بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها".

 وقالت مصادر سياسية في صنعاء : ان تناقض الموقف الحوثي السياسي مع الموقف الاعلامي له علاقة ايضا بتحذيرات سابقة وجهها المبعوث الاممي إلى المليشيات الحوثية عن علاقتها بإيران.

 وسبق ان نشر معلومات العام الماضي عن تحذير المبعوث الاممي مارتن غريفيث لمليشيات الحوثي من امكانية نشوب حرب في المنطقة ضد إيران وانه في حال ذلك فان مليشيات الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق قد يكونون ضمن الاهداف التي ستضربها واشنطن واي تحالف ستقوده ضد إيران.

 ووفقا للمصادر فان مليشيات الحوثية ومهما حاولت المراوغة في موقفها السياسي فإنها عكست بتعاطيها الاعلامي والفكري ومواقف نشطائها وقياداتها في الداخل مدى التبعية بل والعبودية المطلقة لإيران، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك انها ذراع إيران في اليمن وانها تنفذ مهام تخدم سياسة إيران القائمة على زعزعة استقرار دول الجوار وبسط نفوذها وترسيخ ثقافة تميزها القومي على العرب.