آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

تحقيقات وحوارات


الموظف البسيط في عدن .. بين مرتب بالعملة المحلية وإيجارات سكن بالعملة الصعبة " تقرير خاص "

الموظف البسيط في عدن .. بين مرتب بالعملة المحلية وإيجارات سكن بالعملة الصعبة " تقرير خاص "

الإثنين - 30 أكتوبر 2023 - 07:55 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص.


تقرير/ هلا عدنان.

في ظل تدهور العملة المحلية والغلاء الذي يجتاح عموم الأسواق اليمنية، ارتفعت إيجارات المنازل في محافظة عدن -جنوب اليمن- بشكل كبير مقارنة بمستوى رواتب ومداخيل المواطنين.

ومع اقتراب نهاية العام 2023، والريال اليمني في انحدار غير مسبوق، حيث تدهورت قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي بشكل كارثي، مما أدى إلى هبوط القدرة الشرائية، وبالتالي شكلت أزمة معيشية في مختلف ميادين الحياة عامة، والإيجارات السكنية خاصة.

وينعكس هذا على الشرائح الأكثر فقرا وخاصة النازحين الذين يعانون أساسا من واقع معيشي مترد بسبب فقدانهم لأعمالهم وممتلكاتهم واضطرارهم لاستئجار الشقق والعمل مقابل أجور متدنية، ويضاف إليهم الموظفون في القطاعين العام والخاص الذين يتقاضون مرتباتهم بالعملة المحلية.

أوضاع صعبة يعيشها المواطنون في عدن جراء ارتفاع إيجارات السكن، ارتفاع يهدد آلاف الأسر، ويدفعهم إلى البحث عن بدائل غير صالحة للسكن والاضطرار للعيش في مناطق غير آمنة أو منازل غير صحية وغير ملائمة.



أعمال إضافية لتغطية الاحتياجات.

يشكو أحمد سعيد (54) عاما، من الحال الذي وصل إليه المستأجرون حيث يقول "أنا أتقاضى راتب باليمني وصاحب الشقة يريد دفع الإيجار بالريال السعودي، والمبلغ الذي يطلبه ضعف راتبي مرتين مما يطرني للخروخ للعمل عصرا لتغطية باقي التكاليف".



مخاوف من اقتراب نهاية العام.

أما فتحية سالم تتخوف من اقتراب نهاية العام فصاحب البيت يجهز لهم زيادة جديدة مع بداية كل عام وهو مايجعل ذلك عبأ عليهم خصوصا وأن المرتبات لا تزيد، على حد قولها.

هذا المشهد هو جزء من واقع الإيجارات في عدن الفوضوي، وتحديدا للمنازل السكنية خصوصا في السنوات الأخيرة بعد الحرب.



نزاع بين المالكين والمستأجرين.

أما محمد طارق مواطن "يقطن في مديرية دار سعد يقول أنه يدفع الإيجار بالعملة المحلية ولكن يطر أن يسكن في بيت ضيق جدا لا يسع أسرته "أنا اسكن في غرفة واحدة وحمام ولا مافيش، لو زيد الموجر الإيجار بلاقي نفسي بالشارع، وأحيانا لا اقدر دفع المبلغ بوقته ويتراكم عليّ المبالغ ويحصل خلاف ومشاكل بيني وبين المالك".



أسعار تصدم النازحين .

عائلة يسلم نزحت من الحديدة جراء النزاعات في المنطقة وتتكون أسرتهم من (11) فرد من بينهم شيوخ وأطفال، تعاني من المشكلة نفسها يتحدث يسلم والذي يعد العائل الوحيد للأسرة "بعد نزوحنا واجهنا مشاكل عديدة أولها عدم وجود أشغال وصدمنا بأسعار إيجارات المنازل ونحن أسرة كبيرة، في البداية لجأنا إلى السكن عند بعض الأقارب الذين يقطنون المنطقة، إلى أن لقينا منزل إيجاره نسبيا معقول ونقدر أن ندفعه ولكن في منطقة بعيدة والمنزل قديم والماء لايأتي فيه إلا نادرا، نحن الآن نشتغل من أجل دفع الإيجار واصل نفكر كيف نسدد الايجار، أما باقي الاحتياجات لانقدر توفيرها والله لا ينسي عباده".

حال عائلة يسلم يعكس حال كثير من العائلات في عدن التي تعاني من ارتفاع الإيجارات السكنية ونهشت الأزمات وقتها وتفكيرها.



السلطة المحلية تضم صوتها إلى صوت المواطنين.

وفي إطار تدهور العملة المحلية وهذا الغلاء الجامح، طالب وكيل محافظة عدن عبد الرؤوف السقاف، في حديث سابق، وزارة الأشغال العامة ومكاتبها التنفيذية بممارسة مهامها، بوصفها الجهة المخولة بتنظيم علاقة المالك بالمستأجر.

وأردف قائلًا: "نحن اليوم نضم صوتنا إلى صوت المواطنين في ضرورة إيجاد حلول بحسب المتاح، وبما لا ينعكس سلبا على ملاك العقارات، كما ندعو التجار وملاك العقارات أن يكون لهم دور وطني يراعي الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد وأن يساهموا بالتخفيف على معاناة الناس والمواطنين".



لا توجد ضوابط وقيود تشريعية .

وفي سياق الموضوع أفاد المحامي خالد بافقير فيما إذا كان هناك ضوابط وقوانين تنظم مسألة الإيجارات "هنا لا توجد ضوابط وقيود تشريعية في القانون اليمني، مثل بعض البلدان العربية، التي تتدرج في رفع الأجرة بواقع نسبة معينة ١٠% بعد انتهاء مدة العقد، أو ٥%، ومع ذلك يظل مؤجر مقيد إذا كان المكان معد للتأجير أن يستمر فيه المستأجر بسعر الزمان والمكان، لكن تجد إن سعر المثل قد زاد".

وأضاف الفقير رأيه الشخصي، قائلًا "ارتفاع الأسعار بالشكل الذي هو عليه في وقتنا الراهن، وفي ظل هذه الظروف وخاصة أن رواتب السواد الأعظم من الناس لا تتجاوز ١٥٠ ألف ريال يمني، وأقل أجرة لمنزل نظيف يصلح للعيش الآدمي حوالي ٥٠٠ ريال سعودي، وكما قلت بالعملة الأجنبية هذه فيه ظلم، وعلى المشرع اليمني تحقيق للعدالة وموازنة بين مصلحة المؤجر والمستأجر، أن يتدخل بنصوص آمرة تحدد نسبة زيادة الأجرة بعد انتهاء مدة العقد، وكذا تحديد قيمة الأجرة بالعملة المحلية".

مرون محمد يعمل سمسارا بين ملاك المنازل وبين الباحثين على شقق سكنية يقول إن "بعض ملاك البيوت يرفعون الأسعار بطريقة لا تراعي الوضع المعيشي السائد في المنطقة مع درايتهم الكافية باحوال الناس، لأن أغلبهم يعتبرون الإيجارات كمصادر دخل لهم مع زيادة الغلاء".

ويتابع " لكن مع ارتفاع أسعار البيوت والشقق إلا أن هناك من يواجه صعوبة في الحصول على منزل للإيجار، فأغلب المدن في عدن تعاني من إزدحام، فيطر المؤجر للقبول بالمبلغ الذي يعتبر فوق طاقته لمجرد أنه استطاع الحصول على بيت، وبعضهم يلجأون للخروج في مناطق بعيدة ولا تتوفر فيها خدمات بحثا عن الإيجارات الرخيصة التي تتماشى مع دخلهم".

مسألة ارتفاع إيجارات المنازل ليست بالشيء الجديد، فهي في ازدياد مستمر كلما انخفض سعر الصرف، وأقبل عام جديد، فمالكي العقارارات يشترطون دفع الأجرة بالريال السعودي أو الدولار، لذلك يتطلب التعامل مع المشكلة تدخلا عاجلا من الحكومة واتخاذ سياسات فعالة للتصدي لهذه المشكلة.