آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

تحقيقات وحوارات


العم "أحمد" .. مسن يكافح الفقر بالبصل والبنادورا " تقرير خاص "

العم "أحمد" ..  مسن يكافح الفقر بالبصل والبنادورا " تقرير خاص "

الإثنين - 30 أكتوبر 2023 - 08:09 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص.


تقرير/ الخضر بن الهيثم.

العم ( احمد محمود عبده - 68 عاما ) نازحِ من قرية الفواهة من محافظة الحديدة ( غرب شمال اليمن ) وأحد المتضررين من الحرب المشؤومة التي حلت باليمن، ينام فوق إحدى دكك مدينة الشيخ عثمان في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) فلا مأوى يأويه ولا فراش، ولا غطاء يستره، فهو يلتحف السماء في هذه المدينة.

وكعادته كل صباح يستيقظ مبكرًا وبجسمه النحيل يَجرّ عربته الصغيرة ويقف خلفها كل صباح ليبيع البصل الأحمر والبنادورا لمرتادي هذه السوق.

في حديثه لـ" تحديث"، يقول هو أبٌ لستِّ بناتٍ وثلاثة أولاد ويسكن في الحديدة في قريته (فواهة) ولكن الحرب أجبرت أسرته للمغادرة من منطقتهم، فأولاده غادروا صوب محافظة تعز (شمال اليمن)، وهو نزح إلى محافظة عدن.

ويقول:" ان الحرب فرقت شمل أسرته التي كانت نواة واحدة تعيش تحت سقف واحدٍ.. ويكابد الحياة من أجل توفير لقمة العيش لأسرته، بالعمل في مهن شاقة رغم كبر سنه بأجر زهيد، في البلد الذي يعاني من تداعيات الحرب القاسية، منذ نحو تسع سنوات، وكل ما يدخره من مالٍ من العمل يقوم بتحويله إلى أولاده النازحين في تعز.. بحسب قوله لــ (تحديث).

ويعمل في بيع البصل الأحمر والطماطم وهي مهنة متعبة تتطلب جهدا بدنيا شاقا وخبرة وتجربة حيث يظل واقفا طوال ساعات العمل التي تصل إلى 8 ساعات مقسمة على فترتين صباحية ومسائية في سوق الخضار والفواكه بالشيخ عثمان ويجني نحو 2000 إلى 3000 آلاف ريال يمني في عمل يومي لا يناسب سنه، لكن دافع مكافحة العوز والفقر والجوع يقوي عزيمته.

بصوتٍ مليء بالحسرة يقول أنه كان مستور الحال في قريته (فواهة)؛ لكن منذ اندلاع الحرب، صار يعمل بكدٍّ وتعب كل يوم، وذلك هو الخيار الوحيد لتوفير أدنى ما يسد احتياجات أسرته النازحة. ولا يعرف العطل أو الراحة أبدا، واليوم الذي يعمل فيه يأكل وبالكاد... والذي لا يعمل فيه يصبر على جوعه، ومع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في مدينة عدن الساحلية يسعى للهروب من قيض الصيف بالاحتماء من أشعة الشمس بأحد مباني السوق الذي يعمل فيه على حد تعبيره.

وشهد اليمن موجات نزوح نتيجة الحرب، فحين اندلع القتال داخل محافظة الحديدة نفسها منتصف 2018، لا سيما في مركزها، مدينة الحديدة، ومحيطها، لجأ العديد من السكان الذين فروا من منازلهم إلى أماكن أخرى في المحافظة. لم يقتصر النزوح عليهم فقط إذ في بعض الأحيان نزح سكان آخرون في المحافظة من مناطقهم بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات. أوائل عام 2021م بلغ العدد الإجمالي للنازحين الذين يحتاجون إلى المعونة الإنسانية في الحديدة 425,059، مع اعتبار أن 40٪ منهم يواجهون ظروفًا "كارثية".



من أين لنا المال.

ويتساءل العم أحمد ويقول :" من أين لنا المال إذ لم نعمل، ومن الذي سينفق عليك وأنت قاعد في البيت؟!" و يُشير إلى أنه كان في حالٍ أفضل "نسبيًّا"، عندما كانت أسرته تستلم، كل شهرٍ أو شهرين، سلةً غذائيةً ، مقدمة من برنامج الغذاء العالمي، التي بالكاد كانت تسد رمق أسرته النازحة في تعز، لافتًا في الوقت ذاته، إلى أنه لم يتسلم أية مساعدات مالية أو إغاثية في مدينة عدن.

ويعكس الوضع الذي يعيشه العم (أحمد)، مدى تأثر ملايين اليمنيين جراء تقليص الأمم المتحدة دعمها الإغاثي لليمن، في ظل الحرب المدمّرة التي تمضي في عامها التاسع.

وطال تأثير الحرب في اليمن كل فئات وشرائح المجتمع، بمن فيهم كبار السن، إذ يضطر كثير منهم إلى العمل في مهن شاقة، لإعالة أسرهم وتأمين قوت يومهم.

ويعاني اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم مع حاجة 80% من السكان إلى المساعدات الإنسانية والحماية، كما أن 10 ملايين شخص على عتبة المجاعة، وسبعة ملايين يعانون من سوء التغذية، وفقًا لإحصاءات عن الأمم المتحدة في أغسطس/ آب 2020م وفي منتصف يوليو/ تموز 2020م حذرت الأمم المتحدة من مجاعة محتملة في اليمن.



الصراع مع الحياة

العم (أحمد) ليس أفضل حالا من العمال الذين يجلسون على بعد أمتار من المكان الذي يقف فيه.. يقف طابور من العمال على الرصيف (حراج العمال)، كثير منهم مسنون، في انتظار فرصة عمل يومية، يسدون بها رمق جوعهم وإعالة أسرهم .

يصارعون من أجل العيش الكريم في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة التي أفقدت الريال اليمني قيمته وحوَّلت الكثير من اليمنيين إلى عاطلين عن العمل وتحت خط الفقر المدقع.