بتنظيم من جمعية سلا المستقبل، عُرض فيلم "على خطى الفوسفاط"؛ وهو وثائقي يحمل في طياته رسائل إنسانية مشفّرة، تسائل أثر الفوسفاط في قلب المقاومة الوطنية الأصيلة، من عمق الأرياف الباسلة لمدينة خريبكة المغربية.
في سياقه السردي، يحكي الشريط الوثائقي، الذي أخرجه كلّ من محمد النضراني ومليكة المنوك، في 85 دقيقة، قصة الفوسفاط المغربي التي بدأت منذ 1906، عبر ثلاث طرقات رئيسة: السكك الحديدية، فالاكتشافات الجيولوجية، ثم استغلال الفوسفاط الموجود في خريبكة.
عبر هذا الفيلم، تمّ تتبع هذه الطرقات منذ بداياتها الأولى، بالنبش في تطور الفوسفاط وطريقة اكتشافه. ومسلطاً الضوء كذلك على الطريقة التي قامت بها فرنسا بتأسيس المكتب الشريف للفوسفاط في خريبكة، والذي رافقه ظهور طبقة عاملة، وهذه الأخيرة بوعيها وباحتكاكها مع النقابيين الفرنسيين الموجودين هناك، ستصبح هي الأخرى تطالب بحقوقها، وبعد ذلك ستتطور للمطالبة بالحق الكبير، الذي هو استقلال المغرب.
حصد الفيلم جائزتي النقد والجمهور بمهرجان خريبكة خلال 2016، وقدّم للمشاهد في هذا القالب الوثائقي بعض أسرار وحيثيات نشأة وتأسيس المكتب الشريف للفوسفاط، إبان وجود المستعمر الفرنسي بالمغرب.
وفي تصريح له لهسبريس، يؤكد محمد المانوضي، مخرج الفيلم، أنه إذا كان اكتشاف الفوسفاط هو الذي جلب الأطماع الأوروبية، بالخصوص الفرنسيين إلى المغرب، فإن الطبقة العاملة التي خلقتها فرنسا هي التي ستكون سببا في أن تجعل فرنسا تغادر المغرب".
وعن الرسائل التي يودّ الفيلم إيصالها، يقول المانوضي: "أوّل ما توخيناه من خلال هذا العمل هو أن نُظهر ذاكرة مدينة خريبكة، فهذه المدينة التي قدّمت الكثير لاستقلال المغرب والتي كانت السبب في مغادرة فرنسا للتراب الوطني، لم تأخذ حقها من الاعتراف، الذي يعتبر ضرورياً جدّاً. وينبغي أن يبدأ من الذين يعيشون في هذه المدينة، أي بنا. أن نعود إليها ونُعرف بها، وبدور الطبقة العاملة في تلك الفترة".
وعن المصادر التي اعتمدها الفيلم، يوضح المانوضي إنها مصادر تخصّ تاريخ منطقة خريبكة، وكذا ما دونته فرنسا عن تاريخها؛ فـ"جزء كبير من مصادرنا يعود إلى الأرشيف الفرنسي".
يذكر أن المغرب يتوفر على أزيد من ثلثي إجمالي الفوسفاط في العالم، بنسبة تقدر ما بين 75 و85 في المائة. كما يحتل المغرب في الإنتاج الرتبة الثانية دوليا بعد الصين، بحوالي 29.5 مليون طن سنويا، حسب معطيات المكتب الشريف للفوسفاط.