الدكتور بليغ يكتب
اليمن الجنوبي سياسيا ... مراجعة للمشهد الحالي . الجزء الثالث
الأحد - 16 يوليه 2017 - 11:03 م بتوقيت عدن
- تحديث نت / خاص .
المراجعة : جنوبيو الشرعية ومعتلفيها :
كنا قد تحدثنا في الجزء السابق عن مراجعتنا لدور الأحزاب اللاوطنية وكيفية تعاملها واستغلالها لأهداف جماهير شعبنا الجنوبي و نشاطاته ومواقفه فعالياته وتوظيفها لصالحها وقدمنا الحزب الاشتراكي اليمني كمثال يمكن قياس دور باقي الأحزاب السياسية اللاوطنية مع مراعاة اختلاف أوضاعها وحجمها وعلاقاتها .
والآن سننتقل لجنوبيي الشرعية ومعتلفيها ( وقد كنا حدننا في الجزء الأول من سلسلة هذا المقال أننا نعني الشخوص التي تدور حولهم فكرة عملهم الصامت والغير معلن لصالح القضية الجنوبية واستثنينا الشخوص الذين يعادون الشعب الجنوبي وهدفه بشكل صريح ), والحقيقة ان الحديث عن مراجعة دور طرف الشرعية لن يختلف عن حديثنا عن الحزب الاشتراكي كثيرا, ولكن انه من المثير للاستغراب والتساؤل جدا أن الجزء الأكثر عداءا وصراحة في عدائه والأكثر إضرارا بالشعب الجنوبي من جنوبيي الشرعية كبن دغر وبن عرب هم أعضاء سابقون في الحزب الاشتراكي اليمني الجنوبي سابقا , ولكن هذا الاستغراب والتساؤل لن يستمر طويلا في حال تفهم ومراجعة فكر الحزب الاشتراكي وطبيعة الشخصيات والعقليات التي كانت تنجذب نحو فكره و تصل إلى قيادته.
المهم لا يستطيع أي مراقب حصيف عاقل ان يصف الشرعية المتواجدة في الرياض برئاسة هادي ونائبه علي محسن الأحمر بأنها جنوبية الهوى , كما لا يستطيع نفس المراقب أن ينفي سيطرة الرياض على هذه الشرعية وقراراتها وعملها لتحقيق أهداف الرياض ,كما انه لا يمكن نفي تأثير حزب الإصلاح ونائب الرئيس هادي علي محسن الأحمر السيئ اتجاه الجنوب وأهله ومعاداة قضيته وهدفه , وان عمل هذه الشرعية ليس لتحقيق الأهداف الوطنية للثورة الجنوبية وحراكها السلمي التحرري و شعبها , ولكننا في المقابل نستطيع أيضا بوضوح أن نسجل كثيرا من المواقف الشخصية الايجابية من بعض الجنوبيين الذي انضووا تحت هذه الشرعية وتبوءوا مناصب عالية فيها , مثال على ذلك الوزير نايف البكري , الشهيد المحافظ اللواء جعفر محمد سعد , رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي , مدير امن محافظ العاصمة عدن اللواء شلال علي شايع وأخيرا وليس آخر , محافظ عدن الحالي الأستاذ عبدالعزيز المفلحي .
فكيف يمكننا مراجعة دور جنوبيي الشرعية ومعتلفيها أيضا في هذا السياق ؟ ولنبدأ من الحدث الذي أسس لهذه الشرعية المركبة والمعقدة والمتناقضة والمتنازعة التي يرأسها هادي ألا وهو الحرب التي يقودها التحالف , وهنا لاحظوا أن التركيبة التي كانت تضم هادي الذي هرب جنوبا إلى عدن ثم هوجم من قبل الحوثيين وطلب بحسب ما هو ظاهر تدخل الرياض وبالتالي التحالف (ليس لصالح هادي أو الشعب الجنوبي وقضيته وإنما خوفا من التمدد الإيراني , فسقوط عدن بيد الحوثي كان سيعني سقوط الرياض دون أدنى شك إقليميا , وضمن سياق مشروع دولي في المنطقة كذلك ) تغيرت كثيرا وباتجاه إيجاد قيادات جنوبية مقابلة للقيادات الشمالية أيا كانت الظروف التي فرضت هذه الشخصيات الجنوبية وأيا كان توجهها السياسي , كان مع الجمهورية اليمنية الاتحادية بأي عدد من الأقاليم( والذي يضم جنوبيين وشماليين ) أو مع عودة الجمهورية اليمنية الحالية إلى دولتيها السابقتين (( وهذا توجه جنوبي صرف ).
هذا التغير الذي تم في تركيبة الشرعية وتطورها أيضا لم يكن أبدا لصالح من يرأس هذه الشرعية واعني هادي فبهذا يكون في حال صراع مع من يعتبرونه هادم ملكهم وسيطرتهم على الشمال وحكمه , وإذا ما عاينا بتفحص تاريخه السياسي جنوبا و ثم أثناء غزو و احتلال نظام صنعاء للجنوب كنائب لعفاش ومررنا بتسلمه للرئاسة منه بحسب المبادرة الخليجية حتى خروجه الغامض من صنعاء إلى عدن . لوجدنا أن أدواره التي تغيرت عبر هذا التاريخ لم تأت رغبة منه أو قدرة , بقدر ما كان محاولة للتأقلم مع الواقع المفروض عليه واستجابة لرغبة دولية وإقليمية لا يملك هو أن يقف أمامها أو يمنعها , وبالتالي فان رئيس الشرعية هادي والذي جرب نظرية الصراع وشاهد و ذاق نتائجها شخصيا وكذلك ذاق نتائج السعي للانتقام في الخلافات السياسية أيضا , وجد أن الإرادة الدولية ومشروعها في المنطقة وكذا مصالحها قد فتح بوابة لتحقيق ولو جزء بسيط من التقدم في الوضع السياسي الجنوبي و القضية الجنوبية , وكذلك يحقق له نصرا شخصيا و إحساسا بتصحيح الخطأ عن قراراته الخاطئة التي تمت نتيجة لردة فعل عاطفية تسعى للانتقام من الحزب الاشتراكي وقيادته التي هجرته مع أهله إلى خارج وطنه قصرا في عدن, ويحوله من رجل أتى على ظهر دبابة المحتلين غازيا لوطنه إلى بطل قومي أعاد الدولة الضائعة إلى أهلها وحقق لشعبه هدفه الأغلى , ولكن هذا التحليل مجرد محاولة لقراءة الرجل , ولا يمكن الاعتماد عليه لاتخاذ موقف اتجاه هادي ومنصبه كرئيس لشرعية الجمهورية اليمنية من زاوية القضية الجنوبية , فهو لا يزال رئيس لنظام الاحتلال الذي أذاق الشعب الجنوبي الويلات وارتكب بحقه الجرائم التي تدمى لها البشرية , ولا يزال يتحدث باسم الوحدة اليمنية والشعب اليمني , والاهم انه في هذه المرحلة وبعد مراجعة دوره كجنوبي في الشرعية ليس إلا وكيلا للرياض وتغطية لكل ما تقوم به فهي صانعة القرار و المسئولة عنه , وهنا يتأتي مراجعة دور المعتلفين من الجنوبيين , أي معتلفي الشرعية , الذين وجدوا في المزاج السعودي السياسي الذي يرحب بعقليات الاعتلاف ويشجعها على القدوم نحوه وتوقيع الشيكات له, فوجدوا واعني المعتلفين ما يناسب أطماعهم الذاتية الشخصية التي طغت على كل شيء اخر من المسوغات والمبررات, فوجدوا مصدر من مصادر الرزق الوفير والغنى السريع , ووجدوا أيضا متنفسا للحلم بالسلطة والمناصب , وصورتهم الخاصة عن الوطن الجنوبي الذي يصير الاعتلاف طوره الثابت المستمر والمحصور فيهم فقط , وصنعوا صورة الوطن الجنوبي في إطار يناسبهم تحت دعوى الدنبوع حقنا وهو يعرف ما لا تعرفون ونحن سنكون الوطنيين وسنؤيده, وانتم لستم إلا مغفلين مضحوك عليهم أو معادون للتوجه الوطني الحقيقي, فأساؤا للرجل و أوغلوا في الإساءة له وكذلك لأنفسهم , وهنا نعني أن دور فكر الاعتلاف والمعتلفين الذين يدورون في فلكه و الذين يدعون وقوفهم إلى جانب هادي وشرعيته الجنوبية هو في الحقيقة مظهر من مظاهر القرار السعودي , والذي أيضا سينتهي بالضرورة بعيدا عن الوطن الجنوبي والقضية الجنوبية وعن حتى مصالحهم الشخصية التي لن تتوقف فقط , و إنما سيتم تقديمهم كأضحية مع ملفات تكشفهم وتدينهم من الطرف السعودي لتبرئة الرياض من أي تبعات سياسية وأخلاقية أو اقتصادية تجاه الشعب الجنوبي , وأيضا يمثل في مجادلته للمجلس الانتقالي الجنوبي مظهر من مظاهر قلق ومخاوف هادي نفسه من فكر الشيوعيين ودمويتهم وتأثير الحزب الاشتراكي الذي لن ينسى له هدمه لملكهم الأزلي الثابت في ضيعتهم الخاصة التي نسميها نحن الوطن الجنوبي .
خلاصة الأمر أن هادي أتى لتنفيذ دور ضمن سياق مشروع دولي لا يملك منه أمرا , ووجد في طبيعة هذه المشروع الدولي ما يجعله في موقف الوطني الجنوبي الصامت , الذي مكن جنوبيين آخرين من الوصول إلى مواقع تمكنهم من تقديم شيء في الشأن الوطني الجنوبي قل أو كثر, ووجد في المعتلفين واجهة للوقوف أمام الشيوعيين و أضحية ستقدم دون محالة ,فلا بأس من الاستفادة من هذه الأضحية أيضا لتبرير نفسه , فهم من ينهبون وهم من يسرقون وهم من يعتلفون على حساب الشعب لا هو .
ويظل الأمر الأكثر تمييزا لدور هادي انه يمارس دوره بإشراف ورقابة دولية , وانه يمارس هذا الدور بعقلية أكثر انفتاحا ودراية و مرونة وحنكة, و هذا يجعله في نظر الكثيرين أكثر المؤهلين للولوج إلى الدائرة الدولية , وان كان واضحا أيضا انه لن يستطيع عمل ذلك بشكل وحيد منفرد .
وهكذا ننهي هذا الجزء الخاص بجنوبيي الشرعية ومعتلفيها , وسيكون الجزء القادم عن المجلس الانتقالي ومراجعة دوره .
همسة : مع إخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب ..
د.بليغ اليزيدي
الأحد
16 يوليو 2017 م
البريد الالكتروني
Dr_b_alyazeedi@yahoo.com