تحليلات سياسية

الجمعة - 06 ديسمبر 2019 - الساعة 06:16 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت / خاص .


أثار قرار رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، تعيين عمرو البيض عضوا في رئاسة المجلس ، جدلاً واسعاً في الوسطين السياسي والإعلامي، القرار الذي جاء بعد أكثر من عامين على تأسيس المجلس الانتقالي، أحدث صخبا ليس لأن عمرو نجل الرئيس البيض فحسب، ولكن لأن المجلس، برأي نتابعين، لم يستفيد من فرصة التعيين لتذهب إلى أحد الأطراف أو المكونات السياسية التي يمثل انضمامها إضافة نوعية للمجلس، خصوصاً وأن السيد عمرو لعب دورا محوريا إلى جانب المجلس وكان دوره من خلف الكواليس ولن يضفي قرار ضمه غير أن عمرو بات في الصورة بدلاً من أن كان دوره مقتصراً من تحت الطاولة.
ويتساءل مراقبون ما الذي ينتظره المجلس من الشاب الثلاثيني الذي أمضى الثلاثة العقود الماضية بعيداً عن الواقع السياسي برمته، إذا ما تم اسثناء السنوات الماضية التي مكث فيها الرئيس علي سالم البيض في لبنان، وهي السنوات التي بزغ فيها نجم عمرو وفيها أيضاً تعرف على شخصيات الحراك الجنوبي عن قرب خلال زياراتهم المتكررة إلى بيروت.
غير أن أخرين لا يعطون أهمية للرأي الرافض لتعيين عمرو عضوا في رئاسة المجلس، على اعتبار أن عمرو مواطن جنوبي ويحق له أخذ فرصته في العمل السياسي ولا ضير أن يتقلد رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، أو حتى رئاسة الدولة الجنوبية المقبلة، ولكن وفق قواعد معمول بها ديمقراطياً.
وبعيداً عن أهليّة الرجل من عدمها، يأتي القرار بمثابة اسدال الستار عن حقبة خلاف خفيّة كانت تعصف بهرم القيادة، إذ أن الرئيس علي سالم البيض، يُعد الرئيس الشرعي للجنوب، حسب أدبيات معظم فصائل الحراك الجنوبي، غير أن صعود نجم اللواء عيدروس الزبيدي، كقائد عام للمقاومة، ومن ثم رئيساً للمجلس الانتقالي الجنوبي، هنا الزبيدي خطف الأضواء وسدّ الفراغ الذي سببه غياب الرئيس البيض نتيجة المرض وأسباب سياسية أخرى، الأمر الذي أحدث شرخاً في العلاقة بين البيض ونجله ومكتبه ممثلا بالقيادي أبوعلي الحضرمي، من جهة، وبين اللواء عيدروس الزبيدي، من جهة أخرى.
محور الخلاف أن الرئيس البيض يرى أنه صاحب الفضل الأول في كل ما وصل إليه عيدروس الزبيدي، بدءاً بتشكيل أول مقاومة في الضالع، في العام 2013، مروراً بتشكيل اللواء الأول مشاة "جبل حديد"، وحتى رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما يرى الرئيس الزبيدي، أن غزو الحوثيين على الجنوب وما تلاها من تغييرات ميدانية صنعت رموزها، جبّت ما قبلها، وأن زمن تلقي التعليمات من قيادة الخارج قد ولّى، وأن الميدان الميزان الوحيد لقياس وزن القيادة وهو من يحدّد من يستحق أن يكون في أعلى الهرم.
من هنا ذهبت العلاقة بين الرجلين إلى فتور أقرب إلى القطيعة، وظهر عمرو البيض في أكثر من مناسبة مستاءاً من أداء المجلس الانتقالي، وغرّد ساخراَ بعد أحداث يناير من العام 2018، على عدم قدرة قيادة المجلس الحسم ضد الشرعية، إضافة إلى الأحداث الأخيرة التي وجد فيها عمرو فرصة حقيقة لتصحيح أداء المجلس ولترميم علاقته ووالده بالمجلس، خصوصاً بعد أن ذهب الانتقالي  إلى الشراكة مناصفة مع الشرعية، الأمر الذي يعني أن امتعاض البيض من تلك الشراكة يعني عودة نشاطه إلى الشارع وسحب البساط على المجلس الانتقالي، والبدء بتفعيل مكونات الثورة الجنوبية ورفع شعارات الحراك الجنوبي الرافضة لأي مشاركة في السلطة مالم يكن هناك ضمانات إقليمية ودولية تفضي إلى استعادة الدولة الجنوبية.
لكنّ رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي، قطع الطريق على أي مساعي تزيد من حدّة الخلاف والتباعد مع الرئيس البيض، وبعد حوارات ونقاشات تمخّض عنها تعيين عمرو البيض عضوا في رئاسة المجلس الانتقالي، كما تم الاتفاق على طرح إسم عمرو كأبرز المرشحين لتمثيل المجلس الانتقالي في المناصب السيادية في الحكومة المقبلة.
هكذا جاء القرار الذي أثار التساؤلات، وأدلف عمرو البيض، إلى الساحة السياسية محمّلاً بعبء انتكاسات الماضي التي لم يكن عمرو أحد أسبابها، لكن تلك المحطات تمثّل للشاب الواعد وقوداً صلباً للانطلاق نحو النجاح مهما كان الثمن، فهل ينجح البيض في تحمّل مسؤوليته في ظل العقبات الكؤود التي تواجهه من كل جانب!