ادبــاء وكُتــاب


20 يناير, 2018 05:23:03 م

كُتب بواسطة : قاسم المحبشي - ارشيف الكاتب


(إذا لم يكن لحياتنا معنى فلابد أن يكون لموتنا معنى)
ق. م

الْيَوْمَ ذهبنا لتقديم واجب التضامن والمواساة مع أولاد وإخوان وأقارب الشهيد القتيل الأستاذ الدكتور أحمد محمد صالح الصلاحي استاذنا وزميلنا في جامعة عدن، في المخيم المقام لهذا الغرض منذ يوم اغتياله قبل أسبوع بانتظار نتيجة التحقيق والكشف عن ملابسات الجريمة وقول العدالة كلمتها! هناك التقينا بابن الشهيد الوحيد ياسر المغترب في الإمارات الذي فجع باغتيال والده وقدم من موطن اغترابه على أثر هذا المصاب الجلل، شاب في الثلاثين من عمره وإخوان الشهيد وأقاربه من آلِ بن صلاح وغيرهم من المتضامنين من مختلف الشرائح الاجتماعية: أكاديميون ومثقفون وطلاب وإعلاميون ومحامون ونشطاء المجتمع المدني وعسكريون وتجار وعمال ومغتربون ..الخ. رئيت الحزن والوجوم الممزوج بالحيرة والغصب يعلو على وجوه الجميع في المخيم وزادت حيرتنا وصدمتنا أكثر حينما استمعنا الى شرح مفصل عن عملية الاغتيال الغادرة للشهيد الذي خرج من منزله في المدينة الجامعة في مديرة الشعب فجر ذلك الْيَوْمَ المشؤوم بسيارته يبحث عن وقود لها، في البدء أوقف سيارته في طابور الانتظار الطويل بمحطة مدينة الشعب لتزويد الوقود، وحينما شاهد أن طابور السيارات الطويل واقفاً لا يتحرك قرر الذهاب الى محطة طيبة على بعد اثنين كم إذ اتجه بسيارته في الخط العام بأمان الله يقود سيارته بهدوء في الخط العام فإذا بالرصاص تنهمر عليه بكثافة وتصيب فريمات السيارة مباشرة ومن بعيد كمان! أوقف السيارة لكي يستطلع الأمر الا أن رصاصات القناصة لم تمهله للأسف الشديد إذ اخترقت احدها باب سيارة اليمين واستقرت في قلبه السبعيني وترك ينزف في سيارته حتى فارق الحياة، إذ أن كمية الدم المسفوح في السيارة كان خير دليل على بشاعة الجريمة التي نفذت مع سبق الإصرار والترصد، ويقال أن العسكر اخذوه الى المعسكر ومن ثم الى مستشفى الجمهورية وأجروا له عميلة جراحية في بطنة! ولا أحد يعلم لماذا العملية؟ واضح من سياق الجريمة الصادم لكل ذي عقل وضمير مدى الاستهتار العابث بحياة الناس في عدن. إذ مهما كانت احتمالات الخطر المفترضة من سيارة وحيدة تمشي بالخط العام عند الفجر على عجلات بلاستيكية وبسرعة بطيئة ثمة الف طريقة وطريقة للتحقق منها ومن صاحبها، و من ذلك: ايقفها باشارة واضحة أو إعطاب كفراتها بطلقة نارية أو التصدي لها بطقم عسكري أو مدرعة أو مطاردتها بعدد من الأطقم أو الإبلاغ عنها لجميع مفارز التفتيش والنقاط في الطريق أو تركها تمضي بسلام والتأكد من هويتها وهوية صاحبها بعد التحريات أو تعليم العسكر الحراس - مسبقا قبل منحهم السلاح -بان من يقودون السيارات في الطرق العامة هم من بني الانسان ولا يجوز تصويب الرصاص الحي الى أماكن جلوسهم في سيارتهم المصنوعة لحفظ حياتهم ويحرم قتلهم في كل حال من الأحوال أو قنصهم كما تقنص العصافير! حتي في حالة الشك بهم وبنواياهم! وما قيمة الأطقم والمدرعات والمتاريس والخوذات واحتياطات الأمان أن لم تكن لحماية البشر من مثل هذا الأفعال العبثية المشينة! والأمر المحير أكثر أن الجهات المعنية باستشعار المسؤولية الكاملة عن هذا الجريمة الفادحة لازالت لم تكشف عن مرتكبيها وتوضح للرأي العام ملابساتها المثيرة لكل سكان المدينة! وكيف يمكن تفسير مثل هذا الفعل الخارج عن كل منطق وقيمة؟! ومتى كانت حياة الناس في عدن رخيصة الى هذا الحد المهين للكرامة الإنسانية في كل زمان ومكان؟! الناس تنتظر الكشف عن ملابسات هذه الجريمة الفاجعة التي اصابت الجميع بالحيرة والغضب والحزن الشديد هذا حرام وعيب ولا يجوز أبدا وعلى القاتل أن يتحمل وزر جريمته ويعترف بفداحة ما فعله حتى تهدى روح القتيل الشهيد في مثواه ( وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ .بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) وتستعيد نفوس أهله وذويه وكل سكان المدينة توازنها وتسترد كرامة وحرمات الإنسان حدودها المهدورة! فكل شيء له حد ومعنى، أما إذا تركت الأمور بهذا الطريقة التي سنتها هذا الجريمة الشاذة والخارجة عن كل حدود الله والشرع والاعراف والقيم والمنطق والصواب والخطأ فهذا معناه بأننا في غابة موحشة لا شيء يحكمها غير الغرائز المتوحشة. والموت هو مصير كل حي وتتعدد الأسباب والموت واحدا ولا اعترض على قضاء الله وقدره، لكن ينبغي أن يكون للموت قيمة ومعنى عند الأموات والأحياء. أتمنى على الجهة المسؤولة عن اغتيال الاستاذ أحمد الصلاح أن لا يطول صمتها إزاء هذه الجريمة المروعة وأن تتحمل مسؤوليتها بشجاعة وتعلن على المُلا ادانتها واستنكارها لهذا الفعل المشين الذي لا يشرف أحد أبدا! فهل تفعل؟! ونسأل الرحمة والغفران للشهيد المغدور الدكتور البروفيسور أحمد صالح الصلاحي ولأهله وذوية وطلابه وزملاءه ومحبيه الصبر والسلوان.