عرض الصحف

الخميس - 08 أغسطس 2019 - الساعة 10:17 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/العرب:

احتدمت المواجهات في مدينة عدن بين وحدات من الحرس الرئاسي كانت تتولى حماية قصر المعاشيق بمديرية “كريتر” بعدن وقوات تابعة للحزام الأمني والمقاومة الجنوبية في أعقاب اتهام المجلس الانتقالي الجنوبي للقوات التي تتولى تأمين القصر الرئاسي بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الغاضبين الذين تظاهروا أمام القصر بعد الانتهاء من تشييع جثمان العميد منير اليافعي “أبواليمامة” والقتلى الذين سقطوا معه في هجوم الخميس الماضي على معسكر الجلاء.

وتأتي هذه التطورات في وقت تحذر فيه أوساط سياسية يمنية من أن التصعيد بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة عبدربه منصور هادي على أرضية شمال جنوب تخدم مصالح الحوثيين وإيران وتعيد مهمة تحرير اليمن إلى النقطة الصفر.

وأعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في بيان قصير بثته وسائل الإعلام التابعة للمجلس، الأربعاء، لما أسماه “النفير العام” والزحف نحو قصر المعاشيق وإسقاطه وطرد الحكومة الشرعية، بعد مقتل متظاهر وإصابة آخر بنيران يعتقد أنها صادرة عن حراسة القصر الرئاسي بعدن.

وأشار بن بريك في تغريدة على تويتر إلى أن هذا التصعيد جاء “بعد الاعتداء على شعبنا الأعزل الذي أراد الاعتصام السلمي أمام قصر اليمامة (المعاشيق) تم استهدافه بالنيران الحية من ميليشيات حزب الإصلاح الإرهابي وعليه وبما التزمناه من الدفاع عن شعبنا فإننا نعلن النفير العام لكافة قواتنا الجنوبية للتداعي إلى قصر المعاشيق لإسقاط ميليشيات حزب الإرهاب”.

وأضاف بن بريك في تغريدة أخرى “لن تتعرض القوات الجنوبية إلا للإرهابيين الذين اتخذوا من قصر المعاشيق وكرا، أما إخوتنا الجنوبيون في الحرس الرئاسي فدمهم دمنا وكل من يلقي سلاحه فهو آمن”.

ولم تتضح حتى لحظة كتابة هذا الخبر نتائج المواجهات التي تجري في محيط القصر الرئاسي وعدد من المواقع العسكرية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، غير أن خبراء في الشأن اليمني رجحوا تمكن القوات التابعة للحزام الأمني والمقاومة الجنوبية التي تدين بالولاء للمجلس الانتقالي الجنوبي من حسم الموقف والسيطرة على محافظة عدن وعدد من المحافظات المجاورة لها مثل لحج والضالع، في حال لم يتدخل التحالف العربي للتهدئة ووقف المواجهات.

وأكد الخبراء أن موازين القوة العسكرية والشعبية تميل لصالح الانتقالي الذي استطاع في مواجهات سابقة مطلع العام 2018 السيطرة على محافظة عدن وإسقاط المعسكرات التابعة للحرس الرئاسي والاقتراب من اقتحام قصر المعاشيق لولا تدخل التحالف العربي حينها.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” من عدن إن وحدات عسكرية جنوبية تابعة للحكومة اليمنية أعلنت انضمامها لمطالب المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما يؤكد حدة الانقسام وحالة الفرز الجهوي التي تشهدها الساحة اليمنية، وبلغت ذروتها في أعقاب مقتل قائد قوات الدعم والإسناد العميد منير اليافعي في عملية شكك الانتقالي في حقيقة إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عنها، مشيرين إلى وجود أطراف أخرى في الشرعية قد تكون ضالعة فيها.

ويؤكد مراقبون أن نتائج معركة عدن ستنعكس بشكل كبير على المشهد اليمني وستغير من معادلة القوة في حال تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من فرض أجندته وإحكام السيطرة على العاصمة المؤقتة، غير مستبعدين أن يقدم المجلس على إعلان أي خطوة أحادية في اتجاه الانفصال وفك الارتباك بشمال اليمن وهو القرار الذي يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي واسع.

ورجحوا أن يسعى الانتقالي للحفاظ على نوع من العلاقة خلال الفترة المقبلة مع الحكومة اليمنية مع محاولة فرض العديد من مطالبه من داخل مؤسسات الحكومة باعتباره الطرف المسيطر على معظم الأراضي اليمنية، وهو الأمر الذي قد يضعف من نفوذ الإخوان المسلمين الذين يتهمهم المجلس الانتقالي باختطاف قرار الحكومة الشرعية والتغوّل على مؤسساتها.

ووفقا لمصادر “العرب” فقد باءت جهود الحكومة والتحالف العربي في كبح جماح التصعيد الذي شهدته عدن بعد مقتل “أبواليمامة” نتيجة حالة التحريض والتأجيج الإعلامي التي شاركت فيها أطراف يمنية وأخرى إقليمية من بينها قطر التي عمل إعلامها على استفزاز الشارع الجنوبي والشمالي على حدّ سواء، من خلال بث صور قديمة وبعضها مفبرك للأحداث.

وعكست التداعيات المتسارعة هشاشة الوضع السياسي والإعلامي وحالة الاحتقان الشعبي في المعسكر المناوئ للحوثيين، وقدرة أطراف داخلية وخارجية مرتبطة بمشروع إيران في المنطقة على استغلال التباينات المتصاعدة بين القوى والمكونات المناهضة للحوثيين في اليمن.

ولا تخلو التطوّرات الأخيرة في عدن من مخاطر قد تتهدد معسكر الشرعية برمته في ظل اتساع الانقسامات بين الأطراف والمكونات المناهضة للحوثيين، واحتمال ارتداد آثار الأحداث في عدن على أولويات الصراع مع الميليشيات المدعومة من إيران، في حال لم يسارع التحالف العربي بإعادة بناء التحالف المناوئ للحوثيين على أسس أكثر واقعية تمنح القوى المسيطرة على الشارع اليمني مساحة أوسع من الفاعلية والمشاركة في اتخاذ القرار السياسي داخل الشرعية.

وعلى صعيد ردود الفعل الخارجية لتداعيات عدن، أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن قلقه إزاء ما وصفه بالتصعيدات العسكرية في عدن، و”التقارير عن وقوع اشتباكات بالقرب من القصر الرئاسي”.

وأضاف غريفيث في بيان على حسابه الرسمي “أشعر بقلق عميق إزاء الخطاب الأخير الذي يشجع العنف ضد المؤسسات اليمنية، إن تصاعد العنف سيسهم في عدم الاستقرار والمعاناة في عدن وسيعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية في اليمن”.

ودعا الأطراف المعنية إلى “الدخول في حوار لحل الخلافات، وحث كل من لديهم نفوذ على وقف تصعيد الوضع وضمان حماية المدنيين”.

من جهته، عبر السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون، عن قلقه البالغ بخصوص التطورات الأخيرة في عدن، داعيا جميع الأطراف إلى التهدئة.

وقال آرون في تغريدة على تويتر “أدين بشدة استهداف معسكر الجلاء والذي أودى بحياة الكثيرين، وفي نفس الوقت فإنه من غير المقبول استخدام هذا الهجوم لتهجير الشماليين البسطاء وبدء صراعات مسلحة بين القوات الجنوبية والحكومة الشرعية”.

وعبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن قلقه تجاه التطورات حول قصر المعاشيق، مطالبا جميع الأطراف بضرورة التهدئة.