ادب وشعر

الأحد - 02 يوليه 2017 - الساعة 01:49 م بتوقيت اليمن ،،،

د. عبد الحكيم باقيس



مع استهلال هذا العام الميلادي الجديد، يطيب لي أن أقدم هذا الإحصاء للروايات اليمنية المنشورة في المدة من 2010 إلى 2016، وهي صيغة ببليوغرافية أولية، ستتضمن معلومات عن كتاب الروايات، وموضوعاتها، وفق منهجية خاصة لن تتوقف عند الإحصاء فقط، أرجو أن يتاح القيام بذلك في أقرب فرصة ممكنة في العام الميلادي الجديد.

الحصيلة حتى الآن أكثر من ثمانين رواية يمنية، لا أدري لماذا يستهويني الرقم (ثمانون)، منذ كتابي (ثمانون عامًا من الرواية في اليمن) وقد قال الشاعر الثمانيني الحكيم زهير:
إن الثمانين ـ وقد بُلغتها ـ قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

لم أصل إلى هذه السن بعد، وبالكاد أدخل في شطرها الآخر.. غير أن لهذا الرقم ـ كما للرقم سبعة ـ دلالات وسحر خاص، يكفي أن أبواب الجنة ثمانية أبواب.. أما سبعة، فهي حصيلة رصد سبع سنوات فقط، سبع سنوات عجاف مرت بها الأوضاع السياسية في اليمن، بل سبع سنوات كارثية في تاريخنا الحديث، أليست أبواب الجحيم سبعة أبواب!، لكن المفارقة العجيبة أنها سبع سنوات سنابل خضر بالإبداع الروائي في عموم المشهد الروائي لا في خصوصيته..

ثمانون رواية وأزيد، ربما ثمانية وثمانون رواية في سبع سنوات!!.. إنه مؤشر على تطور كمي في الإنتاج الروائي المحلي.. فلنبحث إذًا عن الراوية الغائبة، لنمنح هذين الرقمين (سبعة وثمانية) المزيد من الألق، ولنبحث في هذا الإحصاء عن ترجمان المعنى، فقد قارب المنشور تحت اسم رواية منذ البدايات في 1927 إلى اليوم نحو ثلاث مئة رواية محلية..

ليست هذه أول ببليوغرافيا أقدمها للرواية في اليمن، ففي عام 2001 كنت قد أنجزت ببليواغرافية تبدأ بعام 1927 وتنتهي بعام 2000، صححت فيها تاريخ الرواية في اليمن، قلت فيها وفي دراسات نشرتها إن رواية أحمد عبدالله السقاف (فتاة قاروت) أول رواية يمنية، ورواية (الصبر والثبات) للمؤلف نفسه ثاني رواية يمنية، وهكذا، وعلى أساس من ذلك شيد من جاء بعدي بنيانه، وما بين هذه وتلك تبقى عشر سأجبر صدعها بإذن الله تعالى.

بقيت إشارة مهمة أن هذه الروايات تتفاوت في مستوياتها وقيمتها الفنية، بتفاوت الكتاب وخبراتهم، ومدى اقترابهم من اشتراطات الكتابة الرواية الجديدة، لكن الذي تم رصده ـ هنا ـ هو كل ما حمل اسم رواية، ومما يلفت النظر بين يدي هذا الإحصاء أن عددًا من السياسيين جلسوا على مائدة الرواية استشعارًا منهم بوجود فائض في اللذة، وربما وجدوا بغيتهم في الرواية، وتبعهم عدد من الصُحفيين، وقد دخلوا ميدان الكتابة الروائية في هذه المدة بوعي جديد، وألقى بعضهم بعصاه لتلقف حبال الآخرين، ما يوحي بإضافة مهمة إلى روايتنا المحلية.. وفي المقابل عزز بعض الكتاب مكانتهم الروائية، ووصلوا بالنتاج الروائي المحلي إلى مستوى التجارب العربية.. ويتوالى الإبداع الروائي المحلي بثقة وثبات، وكالعادة يغيب النقد الروائي عن المشهد، وعن مواكبة جديد هذه الإبداعات، لخلل كبير في مؤسساتنا الثقافية والأكاديمية..

ويبقي الإبداع منذ أن عرف نفسه في هذه البلاد مبادرة فردية يجتاز فيها اليماني عقبات ومثبطات كثيرة، تفنن الواقع وقسوة الحياة في صناعتها بإتقان عجيب!، ويبقى النقد كذلك مبادرة فردية تشق طريقها، ليس في موجهة واقع العقبات والمثبطات فحسب، بل في كل زوايا هذا الواقع المفخخ بالحساسيات والكراهية والانتهازية.. فطوبى لمن أبدع فأمتع، واتبع سببا.

أما النص الروائي المنتظر بشغف المحب، ولهفة الهيمان، فهو (ضريح البلاستيك) للعزيز عبدالعزيز بن بريك، عجل الله لهذا المنتظر فرج خروجه من الضريح قريبًا، عله يهدينا إلى الثمانية والثمانين، وإن كان هذا الغياب الملحوظ لإصدراتنا الروائية وغير الروائية في الجنوب يعود لأسباب كثيرة، ليس أقلها عدم توفر الناشرين المحليين في ظل ضيق ذات اليد.